تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فيكشف الحجاب فينظرون اليه فما اعطاهم شيئا احب اليهم من النظر اليه # وكلما كان الشيء احب كانت اللذة بنيله اعظم وهذا متفق عليه بين السلف والائمة ومشايخ الطريق كما روى عن الحسن البصري انه قال لو علم العابدون انهم لا يرون ربهم في الاخرة لذابت نفوسهم في الدينا شوقا اليه وكلامهم في ذلك كثير # ثم هؤلاء الذين وافقوا السلف والائمة والمشايخ على التنعم بالنظر الى الله تعالى وتنازعوا في مسألة المحبة التي هي اصل ذلك فذهب طوائف من المتكلمين والفقهاء الى ان الله لا تحب نفسه وانما المحبة محبة طاعته وعبادته وقالوا هو ايضا لا يحب عباده المؤمنين وانما محبته ارادته للإحسان اليهم ولإثابتهم # ودخل في هذا القول من انتسب الى نصر السنة من اهل

الكلام حتى وقع فيه طائفة من اصحاب مالك والشافعي واحمد كالقاضي ابي بكر والقاضي ابي يعلى وابي المعالي الجويني وامثال هؤلاء وهذا في الحقيقة شعبة من التجهم والاعتزال فإن اول من انكر المحبة في الاسلام الجعد بن درهم استاذ الجهم بن صفوان

# فضحى به خالد بن عبد الله القسري وقال ايها الناس ضحوا تقبل الله ضحاياكم فإني مضح بالجعد بن درهم انه زعم ان الله لم يتخذ ابراهيم خليلا ولم يكلم موسى تكليما ثم نزل فذبحه # والذي دل عليه الكتاب والسنة واتفق عليه سلف الامة وأئمتها وجميع مشايخ الطريق ان الله يحب ويحب ولهذا وافقهم على ذلك من تصوف من اهل الكلام كأبي القاسم القشيري وابي حامد الغزالي وامثالهما ونصر ذلك ابو حامد في الاحياء وغيره وكذلك ابو القاسم ذكر ذلك في الرسالة على طريق الصوفية كما في كتاب ابي طالب المكي المسمى بقوت القلوب # وابو حامد مع كونه تابع في ذلك الصوفية استند في ذلك

لما وجده من كتب الفلاسفة من اثبات نحو ذلك حيث قالوا يعشق ويعشق # وقد بسطت الكلام على هذه المسألة العظيمة في القواعد الكبار بما ليس هذا موضعه # وقد قال الله تعالى ^ يحبهم ويحبونه ^ سورة المائدة 54 وقال تعالى ^ والذين امنوا اشد حبا لله ^ سورة البقرة 165 وقال تعالى ^ احب اليكم من الله ورسوله ^ سورة التوبة 24 # وفي الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الايمان ان يكون الله ورسوله احب اليه مما سواهما وان يحب المرء لا يحبه الا لله وان يكره ان يرجع في الكفر بعد ان انقذه الله منه كما يكره ان يقذف في النار

# والمقصود هنا ان هؤلاء المتجهمة من المعتزلة ومن وافقهم الذين ينكرون حقيقة المحبة يلزمهم ان ينكروا التلذذ بالنظر اليه ولهذا ليس في الحقيقة عندهم الا التنعم بالأكل والشرب ونحو ذلك وهذا القول باطل بالكتاب والسنة واتفاق سلف الامة ومشايخها فهذا احد الحزبين الغالطين # والحزب الثاني طوائف من المتصرفة والمتفقرة والمتنسكة وافقوا هؤلاء على ان المحبة ليست الا هذه الامور التي يتنعم بها المخلوق ولكن وافقوا السلف والائمة على اثبات رؤية الله والتنعم بالنظر اليه واصابوا في ذلك وصاروا يطلبون هذا النعيم وتسمو همتهم اليه ويخافون فواته وصار احدهم يقول ما عبدتك شوقا الى جنتك ولا خوفا من نارك ولكن

لانظر اليك او اجلالا لك وامثال هذه الكلمات ومقصودهم بذلك طلب ما هو اعلى من الاكل والشرب والتمتع بالمخلوق ولكن غلطوا في اخراج ذلك من الجنة وقد يغلطون ايضا في ظنهم انهم يعبدون الله بلاحظ ولا ارادة وان كل ما يطلب منه فهو حظ النفس وتوهموا ان البشر يعمل بلا ارادة ولا مطلوب ولا محبوب وهو سوء معرفة بحقيقة الايمان والدين والاخرة # وسبب ذلك ان همة احدهم المتعلقة بمطلوبه ومحبوبه ومعبوده تقنيه عن نفسه حتى لا يشعر بنفسه واراداتها فيظن انه يفعل بغير مراد والذي طلبه وعلق به همته هو غاية مراده ومحبوبه ومطلوبه # وهذا كحال كثير من الصالحين والصادقين وارباب الاحوال والمقامات يكون لاحدهم وجد صحيح وذوق سليم لكن ليس له

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير