تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

# وثبت في الصحيح ايضا في حديث الملائكة الذين يلتمسون الناس في مجالس الذكر قال فيقولون للرب تعالى وجدناهم يسبحونك ويحمدونك ويكبرونك قال فيقول وما يطلبون قالوا يطلبون الجنة قال فيقول وهل رأوها قال فيقولون لا قال فيقول فكيف لو رأوها قال فيقولون لو رأوها لكانوا اشد لها طلبا قال ومما يستعيذون قالوا يستعيذون من النار قال فيقول فهل رأوها قال فيقولون لا قال فيقول فيكف لو رأوها قالوا لو رأوها لكانوا اشد منها استعاذه قال فيقول اشهدكم اني قد اعطيتهم ما يطلبون واعذتهم مما يستعيذون او كما قال قال فيقولون فيهم فلان الخطاء جاء لحاجة فجلس معهم قال فيقول هم القوم لا يشقى

بهم جليسهم فهؤلاء الذين هم من افضل اولياء الله كان مطلوبهم الجنة ومهربهم من النار # وايضا فالنبي صلى الله عليه وسلم لما بايع الانصار ليلة العقبة وكان الذين بايعوه من افضل السابقين الاولين الذين هم افضل من هؤلاء المشايخ كلهم قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم اشترط لربك ولنفسك ولاصحابك قال اشتر لنفسي ان تنصروني مما تنصرون منه انفسكم واهليكم واشترط لأصحابي ان تواسوهم قالوا فإذا فعلنا ذلك فما لنا قال لكم الجنة قالوا امدد يدك فوالله لا نقيلك ولا نستقيلك وقد قالو له في اثناء

البيعة ان بيننا وبين القوم حبالا وعهودا وانا ناقضوها # فهؤلاء الذين بايعوه هم من اعظم خلق الله محبة لله ورسوله وبذلا لنفوسهم واموالهم في رضا الله ورسوله على وجه لا يلحقهم فيه احد من هؤلاء المتأخرين قد كان غاية ما طلبوه بذلك الجنة فلو كان هناك مطلوب اعلى من ذلك لطلبوه لكنهم علموا ان في الجنة كل محبوب ومطلوب بل وفي الجنة ما لا

تشعر به النفوس لتطلبه فإن الطلب والحب والارادة فرع عن الشعور والاحساس والتصور فما لا يحسه الانسان ولا يتصوره ولا يشعر به يمتنع ان يطلبه ويحبه ويريده # والجنة فيها هذا وهذا كما قال تعالى ^ لهم ما يشاؤون فيها ولدينا مزيد ^ سورة ق 35 وقال ^ وفيها ما تشتهيه الانفس وتلذ الاعين ^ سورة الزخرف 71 ففيها كل ما يشتهونه وفيها مزيد على ذلك وهو ما لم يبلغه علمهم ليشتهوه كما قال صلى الله عليه وسلم ما لا عين رأت ولا اذن سمعت ولا خطر على قلب بشر وهذا باب واسع # فإذا عرفت هذه المقدمة فقول القائل الرضا ان لا تسأل الله الجنة ولا تستعيذه من النار ان اراد بذلك ان لا تسأل الله ما هو داخل في مسمى الجنة الشرعية فلا تسأله النظر اليه ولا غير ذلك مما هو مطلوب جميع الانبياء والاولياء وانك لا تستعيذ به

لا من احتجابه عنك ولا من تعذيبك في النار فهذا الكلام مع كونه مخالفا لجميع الانبياء والمرسلين وسائر المؤمنين فهو متناقض في نفسه فاسد في صريح المعقول # وذلك ان الراضي الذي لا يسأل انما لا يسأله لرضاه عن الله ورضاه عنه انما هو بعد معرفته به ومحبته له فإذا قدر انه حجب فرضي بزوال كل نعيم فرضي بزوال رضاه عن الله وبزوال محبته لله واذا لم يبق معه رضا عن الله ولا محبة لله فكأنه قال يرضي ان لا يرضى وهذا جمع بين النقيضين ولا ريب انه كلام من لم يتصور ما يقول ولا عقله # يوضح ذلك ان الراضي انما يحمله على احتمال المكاره والآلام ما يجده من لذة الرضا وحلاوته فإذا فقد تلك الحلاوة واللذة امتنع ان يحتمل الما ومرارة فكيف يتصور ان يكون راضيا وليس معه من حلاوة الرضا ما يحمل به مرارة المكاره

وانما هذا من جنس كلام السكران والفاني الذي وجد في نفسه حلاوة الرضا فظن ان هذا يبقى معه على أي حال كان وهذا غلط عظيم منه كغلط سمنون كما تقدم # وان اراد بذلك ان لا يسأل التمتع بالمخلوق بل يسأل ما هو اعلى من ذلك فقد غلط من وجهين من جهة انه لم يجعل ذلك المطلوب من الجنة وهو أعلى نعيم الجنة ومن جهة انه ايضا اثبت انه طالب مع كونه راضيا فإذا كان الرضا لا ينافي هذا الطلب فلا ينافي طلبا اخر اذا كان محتاجا الى مطلوبه # ومعلوم ان تنعمه بالنظر لا يتم الا بسلامته من النار وبتنعمه من الجنة بما هو دون النظر وما لا يتم المطلوب الا به فهو مطلوب فيكون طلبه للنظر طلبا للوازمه التي منها النجاة من النار فيكون رضاه لا ينافي طلب حصول المنفعة ولا دفع المضرة عنه ولا طلب حصول الجنة ودفع النار ولا غيرهما مما هو من لوازم النظر فتبين تناقض قوله # وايضا فإذا لم يسأل الله الجنة لم يستعذ به من

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير