الأول: لم يطعن الشيطان فى بطنه، و هذا القول ضعيف لمخالفته حديث أبى هريرة رضى الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه و سلم:
" مَا مِنْ مَوْلُودٍ يُولَدُ إِلَّا وَالشَّيْطَانُ يَمَسُّهُ (و فى رواية: يَنْخَسُه) حِينَ يُولَدُ فَيَسْتَهِلُّ صَارِخًا مِنْ مَسِّ الشَّيْطَانِ إِيَّاهُ إِلَّا مَرْيَمَ وَابْنَهَا ثُمَّ يَقُولُ أَبُو هُرَيْرَةَ وَاقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ
{وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنْ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ} "
رواه البخارى فى كتاب تفسير القرآن [باب وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنْ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ]
ورواه مسلم فى كتاب الفضائل [باب فضائل عيسى عليه السلام]
الثانى: لم يفتنه عن دينه إلى الكفر، و ليس المراد عصمته من المعصية إذ لا ينفك، و لا يخلوا الإنسان من المعصية.ويدل على ذلك حديث أنس رضى الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه و سلم:
" كُلُّ بَنِي آدَمَ خَطَّاءٌ وَخَيْرُ الْخَطَّائِينَ التَّوَّابُونَ "
رواه الترمذى، و ابن ماجة، و هو فى صحيح الجامع 4515
الثالث: لم يضره فى بدنه بالصرع.
الرابع: لم يضره بمشاركة أبيه في جماع أمه. و استدل أصحاب هذا القول بقول مجاهد رحمه الله:
" إذا جامع الرجل ولم يسم؛ انطوى الجان على إحليله، فجامع معه، فذلك قوله: {لم يطمثهن إنس قبلهم ولا جان} " أخرجه ابن جرير الطبري في ((تفسيره)) (27/ 88).
و لكن هذا الأثر عن مجاهد باطل قال عنه العلامة الألبانى رحمه الله فى السلسلة الضعيفة: (منكر مقطوع) ورد عليه بكلام نفيس فقال رحمه الله:
" واعلم أن إيرادي لهذا الأثر في هذه ((السلسلة)) - وإن كان ليس من شرطي، فقد وجدت نفسي مضطراً لتخريجه والكشف عن وهائه -؛ لأنني رأيت بعض العلماء من المفسرين وغيرهم قد ساقوه مساق المسلمات؛ كالقرطبي في ((جامعه)) (10/ 289)، والشوكاني في ((فتح القدير)) (3/ 233)، والآلوسي في ((روح المعاني)) (14/ 119)! وفسروا به قوله تعالى لإبليس الرجيم في سورة الإسراء: {. . . وشاركهم في الأموال والأولاد} بل وكذلك الحافظ ابن حجر في ((الفتح)) (9/ 229) لَمَّا ذكر اختلاف العلماء في تفسير قوله - صلى الله عليه وسلم -:
((لم يضره شيطان أبداً))؛ في دعاء إتيان الرجل أهله (1)، فكان آخر ما ذكر منها قوله:
((وقيل: لم يضره بمشاركة أبيه في جماع أمه كما جاء عن مجاهد. . . (فذكره. وقال): ولعل هذا أقرب الأجوبة))!
فأقول: قوله: ((كما جاء. . .)) بصيغة الجزم؛ يخالف حال إسناده! فكان الواجب على الحافظ أن يشير إلى ذلك بقوله: ((كما رُوِيَ))؛ كما هو المقرر في المصطلح، وكما هي عادته الغالبة، ولكن غلبته طبيعة كل إنسان، والكمال لله وحده.
على أنه لو صح ذلك عنه؛ فهو مقطوع موقوف عليه، فلا حجة فيه، ولو أنه رفعه؛ لكان مرسلاً، والمرسل ضعيف عند المحدثين، ولا سيما في مثل هذا الأمر الغيبي الغريب، وهذا كله لو صح السند بذلك إليه، فكيف وهو مقطوع واهٍ؟! وقد أشار العلامة الآلوسي إلى رده بقوله: ((ثم إن دعوى أن الجن تجامع نساء البشر جماعاً حقيقياً مع أزواجهن إذا لم يذكروا اسم الله تعالى غير مسلّمة عند جميع العلماء، وقوله تعالى: {وشاركهم في الأموال والأولاد} غير نصٍّ في المراد كما لا يخفى)).
وما قاله من التعميم مخالفٌ لما تقدم [أى قوله: جميع العلماء]، ووقع في وهم آخر، وهو أنه نسب أثر مجاهد للحسن أيضاً - وهو البصري -؛ قرنهما معاً!
وهذا خطأ؛ فإن أثر الحسن ذكره الحافظ قبيل أثر مجاهد بلفظ آخر نحو حديث ابن عباس المشار اليه آنفاً؛ إلا أنه قال في آخره:
((فكان يرجى إن حملت أن يكون ولداً صالحاً)).
وعزاه الحافظ لعبد الرزاق، وهو في ((مصنفه)) (6/ 194 / 10467) بسند صحيح عنه.
ثم إن الآلوسي - رحمه الله - جاء بغريبة أخرى؛ فقال:
((ولا شك في إمكان جماع الجني إنسية بدون أن يكون مع زوجها الغير الذاكر اسم الله تعالى، ويدل على ذلك ما رواه أبو عثمان سعيد بن داود الزبيدي قال:
¥