تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الله الجنة واستعاذته من النار اما ان تكون واجبة واما ان تكون مستحبة واما ان تكون مباحة واما ان تكون محرمة واما ان تكون مكروهة ولا يقول مسلم انها محرمة ولا مكروهة وليست ايضا مباحة مستوية الطرفين ولو قيل انها كذلك ففعل المباح المستوى الطرفين لا ينافي الرضا اذ ليس من شرط الراضي ان لا يأكل ولا يشرب ولا يلبس ولا يفعل امثال هذه الامور فإذا كان ما يفعله من هذه الامور لا ينافي رضاه اينافي رضاه دعاء وسؤال هو مباح # واذا كان الدعاء والسؤال كذلك واجبا او مستحبا فمعلوم ان الله يرضى بفعل الواجبات والمستحبات فكيف يكون الراضي الذي هو من اولياء الله لا يفعل ما يرضاه الله ويحبه بل يفعل ما يسخطه ويكرهه وهذه صفة اعداء الله لا اولياء الله # والقشيري قد ذكر هذا في اوائل باب الرضا فقال اعلم ان الواجب على العبد ان يرضى بقضاء الله الذي امر

بالرضا به اذ ليس كل ما هو بقضائه يجوز للعبد او يجب على العبد الرضا به كالمعاصي وفنون محن المسلمين وهذا الذي قاله قاله قبله وبعده وغيره ومعه غير واحد من العلماء كالقاضي ابي بكر والقاضي ابي يعلى وامثالهما لما احتج عليهم بعض القدرية بأن الرضا بقضاء الله مأمور به فلو كانت المعاصي بقضاء الله لكنا مأمورين بالرضا بها الرضا بما نهى الله عنه لا يجوز فأجابهم اهل السنة عن ذلك بثلاثة اجوبة # أحدها وهو جواب هؤلاء وجماهير الائمة ان هذا العموم ليس بصحيح فلسنا مأمورين ان نرضى بكل ما قضى وقدر ولم يجيء في الكتاب والسنة امر بذلك ولكن علينا ان نرضى بما امرنا بالرضا به كطاعة الله ورسوله وهذا هو الذي ذكره ابو القاسم # والجواب الثاني انهم قالوا انا نرضى بالقضاء الذي هو

صفة الله او فعله ولا نرضى بالمقضى الذي هو مفعوله وفي هذا الجواب ضعف قد بيناه في غير هذا الموضع # الثالث انهم قالوا ان هذه المعاصي لها وجهان وجه الى العبد من حيث هي فعله وصنعه وكسبه ووجه الى الرب من حيث انه خلقها وقضاها وقدرها فنرضى من الوجه الذي يضاف به الى الله ولا نرضى من الوجه الذي يضاف به الى العبد اذ كونها شرا وقبيحة ومحرمة وسببا للعذاب والذم ونحو ذلك انما هو من جهة كونها مضافة الى العبد وهذا مقام فيه من كشف الحقائق والاسرار ما قد ذكرنا منه ما ذكرنا في غير هذا الموضع ولا يحتمله هذا المكان فإن هذا متعلق بمسائل الصفات والقدر وهو من اعظم مطالب الدين واشرف علوم الاولين والاخرين وادقها على عقول اكثر العالمين

# والمقصود هنا ان مشايخ الصوفية وغيرهم من العلماء قد بينوا أن من الرضا ما يكون جائزا ومنه مالا يكون جائزا فضلا عن كونه مستحبا او من صفات المقربين وان ابا القاسم ذكر في الرسالة ذلك ايضا # فإن قيل هذا الذي ذكرتموه امر بين واضح فمن اين غلط من قال الرضا ان لا تسأل الله الجنة ولا تستعيذه من النار وغلط من يستحسن مثل هذا الكلام كائنا من كان # قيل غلطوا في ذلك لأنهم رأوا ان الراضي بأمر لا يطلب غير ذلك الامر فالعبد اذا كان في حال من الاحوال فمن رضاه ان لا يطلب غير تلك الحال ثم انهم رأوا ان اقصى المطالب الجنة واقصى المكاره النار فقالوا ينبغي ان لا يطلب شيئا ولو انه الجنة ولا يكره شيئا ولو انه النار فهذا وجه غلطهم ودخل الضلال عليهم من وجهين # احدهما ظنهم ان الرضا بكل ما يكون امر يحبه الله ويرضاه

وان هذا من اعظم طرق اولياء الله فجعلوا الرضا بكل حادث وكائن او بكل حال يكون فيها العبد طريقا الى الله فضلوا ضلالا مبينا الطريق الى الله انما هي ان ترضيه بأن تفعل ما يحبه ويرضاه لا ان ترضى بكل ما يحدث ويكون فإنه هو لم يأمرك بذلك ولا رضيه لك ولا احبه بل هو سبحانه يكره ويسخط ويبغض على اعيان او افعال موجودة لا يحصيها الا هو # وولاية الله موافقته بأن تحب ما يحب وتبغض ما يبغض وتكره ما يكره وتسخط ما يسخط وتوالي من يوالي وتعادي من يعادي فإذا كنت تحب وترضى ما يسخطه ويكرهه كنت عدوه ولا وليه وكان كل ذم نال من رضي ما اسخط الله قد نالك فتدبر هذا فإنه تنبيه على اصل عظيم ضل فيه من طوائف النساك والصوفية والعباد العامة من لا يحصيهم الا الله

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير