تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

# الوجه الثاني انهم لم يفرقوا بين الدعاء الذي امروا به امر ايجاب وامر استحباب وبين الدعاء الذي نهوا عنه او لم يؤمروا به ولم ينهوا عنه فإن دعاء العبد لربه ومسألته اياه ثلاثة انواع # نوع امر به العبد اما امر ايجاب واما امر استحباب مثل قوله ^ اهدنا الصراط المستقيم ^ سورة الفاتحة 6 ومثل دعائه في اخر الصلاة كالدعاء الذي كان النبي صلى الله عليه وسلم يأمر به اصحابه فقال اذا قعد احدكم في التشهد فليستعذ بالله من اربع من عذاب جهنم وعذاب القبر وفتنة المحيا والممات وفتنة المسيح الدجال فهذا دعاء امر به النبي

صلى الله عليه وسلم الصحابة ان يدعوا به في اخر صلاتهم وقد اتفقت الامة على انه مشروع يحبه الله ورسوله ويرضاه وتنازعوا في وجوبه فأوجبه طاووس وطائفة وهو قول في مذهب احمد والأكثرون قالوا هو مستحب # والادعيه التي كان النبي صلى الله عليه وسلم يدعو بها او يعلم اصحابه ان يدعوا بها لا تخرج عن ان تكون واجبة او مستحبه وكل واحد من الواجب والمستحب فالله يحبه ويرضاه ومن فعله رضي الله عنه وارضاه فهل يكون من الرضا ترك ما يحبه ويرضاه # ونوع من الدعاء ينهى عنه كالاعتداء في الدعاء مثل ان يسأل الرجل ما لا يصلح له مما هو من خصائص الانبياء وليس هو بنبي وربما هو من خصائص الرب سبحانه وتعالى مثل ان يسأل لنفسه الوسيلة التي لا تصلح الا لعبد من عباده او

يسأل الله ان يجعله افضل من اولياء الله حتى يكون افضل من ابي بكر وعمر او يسأل الله ان يجعله بكل شيء عليم او على كل شيء قدير او يرفع عنه كل حجاب يمنعه من مطالعة الغيوب وامثال ذلك او مثل من يدعوه ظانا انه محتاج الى عباده وانهم يبلغون ضره ونفعه فيطلب منه ذلك الفعل ويذكر انه اذا لم يفعله حصل له ضير من الخلق فهذا ونحوه جهل بالله واعتداء في الدعاء وان وقع في نحو ذلك طائفة من الشيوخ # ومثل ان يقول اللهم اغفر لي ان شئت فيظن ان الله قد يفعل الشيء مختارا وقد يعقله مكرها كالملوك فيقول اغفر لي ان شئت # وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك وقال لا يقل

احدكم اللهم اغفر لي ان شئت اللهم ارحمني ان شئت ولكن ليعزم المسألة فإن الله لا مكره له ومثل ان يقصد السجع في الدعاء ويتشهق ويتشدق وامثال ذلك # فهذه الادعية ونحوها منهى عنها ومن الدعاء ما هو مباح كطلب الفضول التي لا معصية فيها # والمقصود ان الرضا الذي هو من طريق الله لا يتضمن ترك واجب ولا ترك مستحب فالدعاء الذي هو واجب او مستحب لا يكون تركه من الرضا كما ان ترك سائر الواجبات لا يكون من الرضا المشروع ولا فعل المحرمات من الرضا المشروع

فقد تبين غلط هؤلاء من جهة ظنهم ان الرضا مشروع بكل مقدور ومن جهة انهم لم يميزوا بين الدعاء المشروع ايجابا او استحبابا والدعاء غير المشروع وقد علم بالاضطرار من دين الاسلام ان طلب الجنة من الله والاستعاذة به من النار هو من اعظم الادعية المشروعة لكل احد من المرسلين والنبيين وجميع الصديقين والشهداء والصالحين وان ذلك لا يخرج عن كونه واجبا او مستحبا وطريق اولياء الله التي يسلكونها لا تخرج عن فعل واجبات ومستحبات اذ ما سوى ذلك محرم او مكروه او مباح لا منفعة فيه في الدين # ثم انه مما اوقع هؤلاء في هذا الغلط انهم وجدوا كثيرا من الناس لا يسألون الله جلب المنافع ودفع المضار حتى طلب الجنة والاستعاذة من النار من جهة كون ذلك عبادة وطاعة

وخيرا بل من جهة كون النفس تطلب ذلك فرأوا ان من الطريق ترك ما تختاره النفس وتريده وان لا يكون لأحدهم ارادة اصلا بل يكون مطلوبه الجريان تحت القد كائنا من كان وهذا هو الذي ادخل كثيرا منهم في الرهبانية والخروج عن الشريعة حتى تركوا من الاكل والشرب واللباس والنكاح ما يحتاجون اليه وما لا تتم مصلحة دينهم الا به فانهم رأوا العامة تعد هذه الامور عبادة بحكم الطبع والهوى والعادة ومعلوم ان الافعال التي تقع على هذا الوجه لا تكون عبادة ولا طاعة ولا قربة فرأى اولئك ان الطريق الى الله ترك هذه الامور لأنها من الطبيعيات والعادات فلازموا من الجوع والسهر والخلوة والصمت وغير ذلك مما فيه ترك الحظوظ واحتمال المشاق ما اوقعهم في ترك واجبات ومستحبات وفعل مكروهات ومحرمات

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير