تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ايها الذين امنوا عليكم انفسكم لا يضركم من ضل اذا اهتديتم سورة المائدة 105 # والاهتداء انما يتم بأداء الواجب فإذا قام المسلم بما يجب عليه من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كما قام بغيره من الواجبات لم يضره ضلال الضال وذلك يكون تارة بالقلب وتارة باللسان وتارة باليد # فأما القلب فيجب بكل حال اذا لا ضرر في فعله ومن لم يفعله فليس هو بمؤمن كما قال النبي صلى الله عليه وسلم وذلك ادنى او اضعف الايمان وقال ليس وراء ذلك من الايمان حبه خردل وقيل لأبن مسعود رضي الله عنه من ميت الاحياء فقال الذي لا يعرف معروفا ولا ينكر منكرا وهذا هو

المفتون الموصوف بأن قلبه كالكوز مجخيا في حديث حذيفة بن اليمان رضي الله عنه في الصحيحين تعرض الفتن على القلوب عرض الحصير الحديث وهنا يغلط فريقان من الناس # فريق يترك ما يجب من الامر والنهي تأويلا لهذه الاية كما قال ابو بكر الصديق رضي الله عنه في خطبته ايها الناس انكم تقرأون هذه الاية عليكم انفسكم لا يضركم من ضل اذا اهتديتم سورة المائدة 105 وانكم تضعونها في غير موضعها واني سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول ان الناس اذا رأوا المنكر فلم يغيروه او شك ان يعمهم الله بعقاب منه

والفريق الثاني من يريد ان يأمر وينهي اما بلسانه واما بيده مطلقا من غير فقه ولا حكم ولا صبر ولا نظر في ما يصلح من ذلك وما لا يصلح وما يقدر عليه وما لا يقدر كما في حديث ابي ثعلبه الخشني سألت عنها اي الاية رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال بل ائتمروا بالعروف وتناهوا عن المنكر حتى اذا رأيت شحا مطاعا وهوى متبعا ودينا مؤثرة واعجاب كل ذي رأى برأيه ورأيت امرأ لا يدان لك به فعليك بنفسك ودع عنك امر العوام فإن من ورائك ايام الصبر الصبر فيهن مثل قبض على الجمر للعامل فيهن كأجر خمسين رجلا يعملون مثل عمله فيأتي بالأمر والنهي معتقدا انه مطيع في

ذلك لله ورسوله وهو معتد في حدوده كما نصب كثير من اهل البدع والاهواء نفسه للأمر والنهي كالخوارج والمعتزلة والرافضة وغيرهم من غلط فيما اتاه من الامر والنهي والجهاد وغير ذلك فكان فساده اعظم من صلاحه # ولهذا امر النبي صلى الله عليه وسلم بالصبر على جور الائمة ونهى عن قتالهم ما اقاموا الصلاة وقال ادوا اليهم حقوقهم وسلوا الله حقوقكم وقد بسطنا القول في ذلك في غير هذا الموضع # ولهذا كان من اصول اهل السنة والجماعة لزوم الجماعة وترك قتال الائمة وترك القتال في الفتنة واما اهل الاهواء

كالمعتزلة فيرون القتال للأئمة من اصول دينهم # ويجعل المعتزلة اصول دينهم خمسة التوحيد الذي هو سلب الصفات والعدل الذي هو التكذيب بالقدر والمنزلة بين المنزلتين وانفاذ الوعيد والامر بالمعروف والنهي عن المنكر الذي فيه قتال الائمة وقد تكلمت على قتال الائمة في غيرهذا الموضع # وجماع ذلك داخل في القاعدة العامة فيما اذا تعارضت المصالح والمفاسد والحسنات والسيئات او تزاحمت فانه يجب ترجيح الراجح منها فيما اذا ازدحمت المصالح والمفاسد وتعارضت المصالح والمفاسد فإن الأمر والنهى وإن كان متضمنا لتحصل مصلحة ودفع مفسدة فينظر في المعارض له فإن كان الذي يفوت من المصالح او يحصل من المفاسد اكثر لم يكن مأمورا به بل يكون محرما اذا كانت مفسدته اكثر من مصلحته

لكن اعتبار مقادير المصالح والمفاسد هو بميزان الشريعة فمتى قدر الانسان على اتباع النصوص لم يعدل عنها ولا اجتهد رأيه لمعرفة الاشباه والنظائر وقل ان تعوز النصوص من يكون خبيرا بها وبدلالتها على الاحكام # وعلى هذا اذا كان الشخص اوالطائفة جامعين بين معروف ومنكر بحيث لا يفرقون بينهما بل اما ان يفعلوهما جميعا او يتركوهما جميعا لم يجز ان يؤمروا بمعروف ولا ان ينهوا عن منكر بل ينظر فإن كان المعروف اكثر امر به وان استلزم ما هو دونه من المنكر ولم ينه عن منكر يستلزم تفويت معروف اعظم منه بل يكون النهي حينئذ من باب الصد عن سبيل الله والسعي في زوال طاعته وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم وزوال فعل الحسنات # وان كان المنكر اغلب نهي عنه وان استلزم فوات ما هو

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير