تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

# واما الاكراه على الافعال المحرمة فهل يباح بالاكراه على قولين هما روايتان عن احمد احداهما لا تباح الافعال المحرمة كأكل الميتة والدم ولحم الخنزير وشرب الخمر بالإكراه بخلاف الاقوال كما قال ابن عباس انما التقية باللسان ولأن الافعال يثبت حكمها بدون القصد حتى من المجنون وغيره بخلاف الاقوال فإنه يعتبر فيها المقصد # والثانية وهي اشهر انها تباح بالإكراه كما تباح المحرمات بالأضطرار فإن المكره قد يخاف من القتل اعظم مما يخاف المضطر غير باغ ولا عاد ولأن المضطر يتناوله الاضرار لفظا او معنى فإنه مضطر غير باغ ولا عاد # وقد دل على ذلك قوله تعالى ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء ان اردن تحصنا لتبتغوا عرض الحياة الدنيا ومن يكرههن فإن الله من بعد اكرههن غفور رحيم سورة الانور 33 # وهذا في الافعال المحرمة لحق الله فيها فأما قتل المعصوم فلا يباح بالاكراه بلا نزاع لانه ليس له ان يحيى نفسه بموت ذلك المعصوم وليس ذلك بأولى من العكس بل طلبه احياء نفسه

بالاعتداء على غيره ظلم محض واذا كان المضطر الى إطعام نفسه ليس لغيره ان يأخذه منه عند الاضطرار فليس لأحد ان يقتل غيره ليحيى هو نفسه بل هذا ظلم وعدوان وهو موجب للقود على المكره والمكره في مذهب احمد والمشهور من مذهب الشافعي لاشتراكهما في الفعل هذا بالمباشرة المحرمة وهذا بالتسبب المفضىالى الفعل غالبا وقيل انما يجب على المكره الظالم لأن المكره قد صار كالآلة وهذا قول ابي حنيفة وقيل بالعكس وهو قول زيد وهو قول ردئ فإنه لحظ ظاهر المباشرة او السبب وهذا في المكره الذي يفعل بإرادة اكراه عليها # ولهذا صح ان يقال في هذا المكره هو مريد مختار وصح ان يقال ليس بمختار فان المختار من له اختيار وارادة وهذا المكره ارادته واختياره الذي هو فيه ان لا يفعل ذلك الفعل الذي اكره عليه ولكن لما الجئ بما يوقع به من العذاب الى احداث اختيار اخر وارادة اخرى يفعل بها ما اكره عليه صح اثبات الاختيار والارادة له باعتبار ما احدثه الاكراه فيه وصح نفي ذلك باعتبار انه من

نفسه ليس له اختيار ولا ارادة بل ارادته واختياره في نفي ذلك الفعل # وحقيقة الأمر ان له ارادتين الارادة الاصلية ان لا يفعل هذا بل هو كاره له مبغض له نافر عنه ولا طريق له الى ذلك الا فعل ما اكره عليه فصارت فيه ارادة ثانية تخالف الاولى لهذا السبب فهذا المكره وان كان عاقلا انما يفعل بغير ارادته واختياره الاصلي فهو يفعل بإرادة اخرى واختيار اخر ويفعل ايضا بقدرته ولهذا صح ان يرد على فعله الامر والنهى والاباحة فيقال يباح له التكلم ويحرم عليه قتل المعصوم واما ان اكره الرجل على الزنا فإذا قال بعض الفقهاء انه لا يكون مكرها اذ انه فاعل بقدرة واختيار لم يصح ذلك وكذلك الجائع الفقير الذي سرق ليأكل لا اثم عليه وقد اضطر الى تلك الارادة والاختيار لمخمصته فالضرر الذي لحقه ألجأه الى هذه الارادة والفعل # فأما المفعول به الفعل الذي هو محل غيره وآلة له مثل المرأة أو

الصبي الذي يشد ويربط ويفجر به ومثل الذي يوجر الخمر ويلذ بها من غير قصد اصلا ولا فعل اصلا كما يلذ النائم الذي لا شعور له وكما يحقن المريض النائم الذي لم يشعر بالحقنة فهذا لا فعل له اصلا بل هو محل لفعل غيره وآله له واذا لم يكن منه فعل لم يقل انه فعل محرما ولا غير محرم بل غيره فعل فيه او به محرما فالإثم حينئذ على ذلك الفاعل لكن ان صدر منه نوع تمكين بأن لا يستفرغ وسعه في الامتناع او نوع ارادة بأن لا تكون ارادته جازمة في الامتناع فذلك فيه نوع فعل # والارادة الجازمة هي التي يقترن بها القدرة فالمكره على شيء انما يمتنع بمقدار ما يقدر عليه من الامتناع عما يفعل به فمتى كانت ارادة الانسان جازمة في الامتناع فلا بد ان يفعل مقدوره ومتى فعل مقدوره كان بمنزلة الممتنع الكامل الامتناع الذي لم يفعل به شيء فإن الارادة الجازمة المقترن بها كمال القدرة يجري صاحبها مجرى الفاعل التام في الثواب والعقاب

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير