تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وقد نصب كثير ممن ينتسب للإسلام قوانين وضعية فأمروا من ولاهم الله أمره بالتحاكم إليها وعاقبوا من خالفهم إلى حكم الله، ومع هذا يدّعون الإقرار بالشهادتين ووجوب الحكم بشريعة الله، فهذا العمل يدل على عدم إقرارهم بذلك باطناً ولو أقروا به ظاهراً.

ومن منع عقوبة الزنا إذا تراضيا أو بدّل حكم السرقة من القطع إلى التعزير بالبدن أو المال أو حكم بحرية الاعتقاد فلا يُقتل مرتد ولا يُستتاب، فكل ذلك من الكفر والضلال المبين.

وتنحية الشريعة الإسلامية وعدم التحاكم إليها عند الخصومات وغيرها في شئون الحياة من أخطر وأوضح مظاهر الضلال والانحراف في هذا الوقت في مجتمعات المسلمين.

والتحاكم إلى آراء المخلوقين من دون حكم الله ضلال وفتنة في الدين والدنيا، قال سليمان بن سحمان:

(إذا عرفت أن التحاكم إلى الطاغوت كفر، فقد ذكر الله في كتابه: أن الكفر أكبر من القتل، قال تعالى: [البَقَرَة: 217] {وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ} وقال: [البَقَرَة: 191] {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَانِ الرَّحِيمِ * وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ} والفتنة هي الكفر فلو اقتتلت البادية والحاضرة، حتى يذهبوا لكان أهون من أن ينصبوا في الأرض طاغوتاً يحكم بخلاف شريعة الإسلام، التي بعث بها رسول الله صلى الله عليه وسلم) انتهى.

وحُكم الله أصلح للأمة بلا ريب، ويجب التحاكم إليه ولا بُد، فالمشرِّع هو الله، وهو أعلم بما يُصلِح حياة المخلوقين من أنفسهم، وأعلم بتغيُّر الحال، وتبدل الزمان، وأعلم بما كان وما سيكون وما لم يكن لو كان كيف يكون.

وقد زعم بعض العقلانيين من معتزلة العصر كالعلمانيين والليبراليين أن تحكيم الشريعة إقرار للاستبداد السياسي، والإرهاب الفكري، وأن حكم الله وتشريعه جمود وعدم مواكبة للحياة المدنية المتجددة، وهذا كله مع كونه مروقاً من الإسلام، ففيه تنقُّص لعلم الله فيما يُصلح العباد مع تغير حياتهم وتبَدُّل أزمانهم.

وأما من جعل حكم الله حكماً له يفصل به ويقضي بموجبه، مع إيمانه بوجوب تحكيمه، وأنه أصلح للأمة من أي حكم وضعي، لكنه وقع منه الحكم في واقعة ما لغلبة هواه، ولطمع من الدنيا من مالٍ أو جاهٍ، مع علمه بتحريم حكمه هذا، فهذا كفره كفر لا يخرجه من الملة، لكنه مرتكب ظلماً وجوراً.

الناقض الخامس:

(من أبغض شيئاً مما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم ولو عمل به كفر).

ومن كره وأبغض شيئاً مما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم من هدي وحُكم فقد كفر بالله تعالى، وهو من صفات المنافقين النفاق الاعتقادي الأكبر الذي يخرج صاحبه من الإسلام وصاحبه في الدرك الأسفل من النار.

وهؤلاء المنافقون النفاق الاعتقادي موجودون في كل زمان، خاصة عند ظهور الإسلام وقوّته على خصومه.

فمن كره شيئاً من شريعة الله وهدي محمد صلى الله عليه وسلم وحكمه سواءً كان أمراً أو نهياً مما جاء به من العقائد والشرائع فقد أسرف على نفسه وعَرّضها لما لا طاقة له به.

كما يصنعه كثير من منافقي العصر من العلمانيين والليبراليين ومن حذا حذوهم ممن اغتر بما عليه الغرب، فكرهوا الحكم بما أنزل الله كحد السرقة وجلد شارب الخمر وقتل القاتل العمد ودية المرأة نصف دية الرجل فهؤلاء مبغضون لما جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم من عند الله كفار خارجون من ملة الإسلام.

ولو عمل أحدهم بما أبغضه من شريعة الله لم ينفعه ذلك، كمن كره تعدد الزوجات مطلقاً وأبغض هذا التشريع فهو كافر بالله وإن عدد وتزوج أكثر من واحدة.

ومثله من كره حكم الله وقضاءه في أن شهادة المرأتين بشهادة الرجل الواحد أو كره ما جاءت به بعض النصوص الثابتة من أخبار مغيبة بزعم أنها لا تتوافق مع العقل أو مع الواقع.

قال الله تعالى: [محَمَّد: 8 - 9] {وَالَّذِينَ كَفَرُوا فَتَعْسًا لَهُمْ وَأَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ *ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ *} فسماهم الله كفاراً بقوله (الذين كفروا) بسبب أنهم (كرهوا ما أنزل الله) ولكون الكفر لا يبقى معه من عمل الخير شيء فإنه يحبطه بالكلية قال (فأحبط أعمالهم).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير