تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فقال رجل في المسجد: كذبت، ولكنك منافق، لأخبرن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، ونزل القرآن فقال عبد الله بن عمر: أنا رأيته متعلقا بحقب ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم تنكبه الحجارة وهو يقول: يا رسول الله إنما كنا نخوض ونلعب، ورسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: [التّوبَة: 65 - 66] {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ *لاَ تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ إِنْ نَعْفُ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْكُمْ نُعَذِّبْ طَائِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ *}

• وعدّ الله السخرية بالمؤمنين سبباً في دخول النار فقال: [المؤمنون: 108 - 110] {قَالَ اخْسَأُوا فِيهَا وَلاَ تُكَلِّمُونِ *إِنَّهُ كَانَ فَرِيقٌ مِنْ عِبَادِي يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ *فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِيًّا حَتَّى أَنْسَوْكُمْ ذِكْرِي وَكُنْتُمْ مِنْهُمْ تَضْحَكُونَ *}.

الناقض السابع

(السحر، ومنه الصرف والعطف، فمن فعله أو رضي به كفر، والدليل قول الله تعالى: [البَقَرَة: 102] {وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولاَ إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلاَ تَكْفُرْ})

والسحر في لغة العرب ما خفي ولطف سببه، ومنه يسمّى السَحَر لآخر الليل، لخفاء الأفعال فيه والسحْر الرئة وهي محل الغذاء وسميت بذلك لخفائها ولطف مجاريها إلى أجزاء البدن كما قال أبو جهل يوم بدر لعتبة: انتفخ سحره، أي انتفخت رئته من الخوف.

وهو عزائم ورقى، قراءات وطلاسم يتوصل بها إلى استخدام الشياطين لإلحاق الضرر بالمسحور، وله حقيقة، فمنه ما يؤثر في قلب المسحور وعقله وإرادته، فينصرف عن شيءٍ ويميل لآخر، ولهذا يُسمى الصرف والعطف أي صرف الرجل عما يهواه كصرفه عن زوجته ونحو ذلك، والعطف بعكس ذلك.

وقد اختلف حدُّ العلماء للسحر، وذلك راجع لكثرة أنواعه وصوره المختلفة الداخلة فيه، ولذا قال الشنقيطي في «أضواء البيان»: (4/ 444):

(السحر في الاصطلاح لا يمكن حده بحدٍّ جامع مانع لكثرة الأنواع المختلفة الداخلة تحته، ولا يتحقق قدر مشترك بينهما، يكون جامعاً لها مانعاً لغيرها، ومن هنا اختلفت عبارات العلماء في حدِّه اختلافاً متبايناً) انتهى.

وللسحر حقيقة عند جماهير أهل العلم وهو مذهب أهل السنة والجماعة:

قال ابن هبيرة _ح في كتابه «الإشراف على مذاهب الأشراف»:

(أجمعوا على أن السحر له حقيقة إلا أبا حنيفة فانه قال: لاحقيقة له عنده) انتهى.

وقال المعتزلة كذلك لا حقيقة له واستدلوا بقوله تعالى: [طه: 66] {يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى} فقال (يخيل).

والحق أن للسحر حقيقة، والآثار في ذلك عن الصحابة والتابعين وسلف الأمة كثيرة جداً.

ومن السحر ما هو تخييل لا حقيقة له.

وكثير من السحر لا يتوصل إليه إلا بالشرك والتقرب إلى الأرواح الخبيثة من دون الله، وقد جعله النبي صلى الله عليه وسلم من الموبقات وقرنه بالشرك فقال كما في «الصحيحين»: «اجتنبوا السبع الموبقات»، قالوا: وما هي؟ قال: «الإشراك بالله والسحر .. » الحديث).

_خ والسحر يدخل في الشرك من جهتين:

الجهة الأولى: ما فيه من استخدام الجن والشياطين، والتقرب إليهم من دون الله بما يريدونه، ليوصلوا الساحر إلى مبتغاه، والسحر من تعليم الشياطين كما قال تعالى: [البَقَرَة: 102] {وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ}

الجهة الثانية: ما فيه من ادعاء علم الغيب، ومنازعة الله في خصوصياته، [النَّمل: 65] {قُلْ لاَ يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَْرْضِ الْغَيْبَ إِلاَّ اللَّهُ} ودعوى مشاركة الله في ذلك كفر وضلال.

والأصل في السحر أنه كفر وشرك، وقد يكون منه ما هو دون الكفر.

والسحر في هذا الباب على قسمين:

القسم الأول: شرك، وهو الذي يكون بواسطة الشياطين، فيُتقرب إليهم ببذل القرابين والعبادة لهم من دون الله.

القسم الثاني: ظلم وعدوان، وهو ما يكون بواسطة العقاقير والأدوية لأذية الخلق وصدهم عما يريدون.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير