فعن زيد بن أرقم رضي الله عنه قال: "كنت في غزاة فسمعت عبدالله بن أُبي يقول: لا تنفقوا على من عند رسول الله حتى ينفضوا من حوله، ولئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل فذكرت ذلك لعمي – أو لعمر – فذكره للنبي صلى الله عليه وسلم فدعاني فحدثته فأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عبدالله بن أُبي وأصحابه فحلفوا ما قالوا. فكذبني رسول الله صلى الله عليه وسلم وصدقه " إلى أن قال: " فأنزل الله تعالى: (إذا جاءك المنافقون) فبعث إليَّ النبي صلى الله عليه وسلم فقرأ فقال: إن الله قد صدقك يا زيد " رواه البخاري (8/ 644).
قلت: أفمن كان يسمع حفيف أجنحة جبريل عليه السلام من سدرة المنتهى، أيغيب عنه سماع من كان أقرب من ذلك بكثير؟!
وفي حديث عمران بن الحصين رضي الله عنه في قصة نوم النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه عن صلاة الفجر في بعض الأسفار، وفيه قال: "فما أيقظنا إلا حر الشمس، وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا نام لم يوقظ حتى يكون هو يستيقظ لأنا لا ندري ما يحدث له في نومه. فلما استيقظ عمر ورأى ما أصاب الناس كبَّر ورفع صوته بالتكبير، فما زال يكبر ويرفع صوته بالتكبير حتى استيقظ بصوته النبي صلى الله عليه وسلم" الحديث رواه البخاري (1/ 447) ومسلم (682).
قلت: فإذا كان صلى الله عليه وسلم لم يسمع تكبير عمر إلا بعد أن كرره ورفع صوته به، هذا وهو بجانبه، فكيف يسمع نداء من يناديه من أقاصي الأرض ونواحيها؟!
*وها هو جبريل عليه السلام يأتيه في صورة أعرابي ويسند ركبتيه إلى ركبتيه ويضع كفيه على فخذيه ويسأله ويتحدث إليه، ثم ينصرف من عنده ولم يعرفه النبي صلى الله عليه وسلم إلا بعد انصرافه عنه.
قال الحافظ في "الفتح" (1/ 125): "دلت الروايات التي ذكرناها على أن النبي صلى الله عليه وسلم ما عرف أنه جبريل إلا في آخر الحال" اهـ.
قلت: فليت شعري أين حاسة الشم المزعومة، وأين سماع حفيف أجنحة جبريل من سدرة المنتهى؟!
*وفي قصة قدوم وفد بني تميم إلى النبي صلى الله عليه وسلم وإشارة أبي بكر وعمر رضي الله عنهما بتأمير بعضهم واختلافهما فأنزل الله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا لا تقدموا بين يدي الله ورسوله) الآية وقوله: (يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي) الآية.
قال ابن الزبير: " فكان عمر بعد، إذا حدث النبي صلى الله عليه وسلم بحديث حدثه كأخي السرار لم يسمعه حتى يستفهمه " أخرجه البخاري (13/ 276).
قال الحافظ "فتح الباري" (13/ 280): "أي يخفض صوته ويبالغ حتى يحتاج إلى استفهامه عن بعض كلامه" اهـ.
قلت: وهذا صريح أيضاً في الدلالة على أنه صلى الله عليه وسلم لم يؤت ذلك السمع المزعوم الذي يسع الأصوات ويجتاز المسافات حتى يبلغ سدرة المنتهى.
7 - وقال المخالف ("شفاء الفؤاد" (ص 205)) في مدح النبي صلى الله عليه وسلم:
" بنور رسول الله أشرقت الدنا ... ففي نوره كل يجيء ويذهب ".
وقال أيضاً ("شفاء الفؤاد" (ص232)):
" أنت سر الله والنور الذي ... سار موسى نحوه في طور سين
فهو نور لا يسامى إنه ... قبس من نور رب العالمين
كيف لا والسيد الهادي به ... يغمر الدنيا بنور مستبين "
قلت: وهذه منازعة للرب في صفة من صفاته، صفة النور، التي وصف بها نفسه ووصفه بها عبده ونبيه محمد صلى الله عليه وسلم، كما أن فيه تكذيباً صريحاً لكلام الله عز وجل وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم.
فقد قال سبحانه في محكم التنزيل: (الله نور السموات والأرض.مثل نوره كمشكاة فيها مصباح) الآية (النور:35)، وقال: (وأشرقت الأرض بنور ربها) (الزمر:69).
والمخالف يقول: "بنور رسول الله أشرقت الدنا "!!
وفي الصحيحين من حديث ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا قام من الليل يتهجد قال: "اللهم لك الحمد أنت نور السموات والأرض، ولك الحمد أنت قيم السموات والأرض .. " الحديث متفق عليه "اللؤلؤ والمرجان" (1/ 147).
*وصح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال في وصفه لربه عز وجل: "حجابه النور – أو قال النار – لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه " أخرجه مسلم (179).
¥