كيف وقد زادها إلى أن شملت كل الأسماء دون استثناء، فدخل فيها حتى الاسم الأعظم "الله"، الذي لم يعرف في تاريخ الشرك الطويل، أن أحداً اجترأ على هذا الاسم فتسمى به أو أطلقه على أحد الآلهة المزعومة من دون الله؟!
حقاً إنه لسفه أي سفه، وضلال أيما ضلال، أن يعتقد امروٌ مثل هذا الاعتقاد الموغل في الفساد ثم يصيح مغتبطاً به على رؤوس الأشهاد، أما خاف أن تشل يده وهي تسطر مثل هذا الهراء؟
سبحانك يا رب ما أحلمك، سبحانك يا رب ما أصبرك، سبحانك حيث كنت، لا إله إلا أنت.
وبعد، فقد كان بالإمكان مناقشة هذا التائه وتعقبه بالحجة والمنطق والعقل، لو اقتصر إلحاده على بعض أسماء الله تعالى، لكنه لم يدع مجالاً للأخذ والرد، بعد أن صرح بمطابقة أسماء النبي صلى الله عليه وسلم أسماء الله كلها، تعالى الله عما يقول الظالمون علواً كبيراً.
(وما قدروا الله حق قدره والأرض جميعاً قبضته يوم القيامة والسموات مطويات بيمينه سبحانه وتعالى عما يشركون).
(هو الله الذي لا إله إلا هو عالم الغيب والشهادة هو الرحمن الرحيم. هو الله الذي لا إله إلا هو الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار المتكبر سبحان الله عما يشركون. هو الله الخالق البارئ المصور له الأسماء الحسنى يسبح له ما في السموات والأرض وهو العزيز الحكيم).
(هو الأول والآخر والظاهر والباطن وهو بكل شيء عليم).
(ذلكم الله ربكم خالق كل شيء لا إله إلا هو فأنى تؤفكون. كذلك يؤفك الذين كانوا بآيات الله يجحدون).
. . . يتبع إن شاء الله
هي الحلقة الحادية عشر والأخيرة من كتاب (جلاء البصائر في الرد على كتابي "شفاء الفؤاد" و"الذخائر") للشيخ سمير المالكي حفظه الله:
ــــــــــــــــــ
الباب الثاني
الافتراء على الملائكة الكرام
وبعد، فهل اكتفى المخالف بكل الذي تقدم من كفر واضح جلي، وشرك فاضح صريح؟
كلا، بل أضاف إليه، أن رمى بالكفر والشرك والظلم أبعد الخلق عنه وعن كل معصية وإثم، ملائكة الرحمن الكرام.
ولم يقصر ظلمه وقذفه لهم على طائفة منهم، بل شملهم كلهم حتى جبريل الأمين عليه السلام.
فمن الخصائص النبوية المختلقة، عدَّ المخالف منها ("الذخائر" (ص202)) " ذكر الملائكة له في كل ساعة ".
وقال "شفاء الفؤاد" (ص216):
" لسناك حين بدا بآدم أقبلت ... رعياً لسيماك الملائك تسجد "
وقال "شفاء الفؤاد" (ص235):
" كلما لحت للملائك خروا ... في السموات سجداً وبكياً ".
*ولما ذكر تلك الصيغة الشركية من صيغ السلام المبتدعة التي تقال عند القبر "السلام عليك يا أول السلام عليك يا آخر السلام عليك يا باطن السلام عليك يا ظاهر"، قال بعدها "شفاء الفؤاد" (ص120): "ويقال: إن ذلك من تحية جبريل للنبي صلى الله عليه وسلم "!.
قلت: وهذا غايةٌ في الظلم والإفك والبهتان، أن ينسب مثل هذا الكفر إلى البررة الكرام المطهرين من كل عيب المعصومين من كل معصية وذنب، كما شهد لهم بذلك الرب، فقال عز وجل: (لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون) (التحريم:6).
ولا ينقضي العجب من جرأة هذا الأفاك وإقدامه على مثل هذا الكذب الواضح المكشوف، إذ من أين له أن من خصائص النبي عليه الصلاة والسلام ذكر الملائكة له في كل ساعة؟ ومن أوحى إليه بهذه الفرية؟ وما نوع الذكر الذي كانوا يذكرون به النبي صلى الله عليه وسلم؟ أهو التسبيح والتكبير والتحميد؟ أم هو ذكر آخر، لا من جنس الأذكار المعروفة؟
وهل هم مستمرون على هذه العبادة، أم إنها انقطعت بوفاة النبي صلى الله عليه وسلم؟
ولعل قائلاً يقول: إنه يقصد الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، كما في قوله تعالى: (إن الله وملائكته يصلون على النبي)؟ (الأحزاب:56).
أقول: إننا لو فرضنا جدلاً أن ذلك قصده، فهو مخطئ بكل اعتبار:
الأول: أنه لم يفصح عن قصده ولم يبين مراده من كلامه، والمقام يقتضي الإفصاح لا الإبهام، والإيضاح لا الإيهام، خاصة ممن دأب على قول الشرك والكفر وصار ديدنه وهجيراه.
الثاني: أنه وقت بوقت لا دليل عليه، إذ جعله في كل ساعة، والآية القرآنية أطلقت الصلاة ولم تحددها بزمن.
¥