فدفعه إلى نفر آخر من أصحابه فقال: اذهبوا به فاجعلوه في قُرقور، ثم توسَّطُوا البحر فإذا رجع عن دينه وإلا فاقذفوه. فذهبوا به، فقال: اللهم اكفنيهم بما شئت. فانكفأت بهم السفينة فغرقوا، وجاء يمشى إلى الملك.
فقال له الملك: ما فعل أصحابك؟
قال: كفانيهم الله.
فقال: إنك لست بقاتلي حتى تفعل ما آمرك به.
قال: ما هو؟
قال: أنك تجمع الناس في صعيد واحد، وتصلبني على جذع، ثم خذ سهما من كنانتي، ثم ضع السهم في كبد القوس، ثم قل: باسم الله ربِّ الغلام، ثم ارم، فإنك إذا فعلت ذلك قتلتني.
فجمع الناس في صعيد واحد وصلبه على جذع ثم أخذ سهما من كنانته ثم وضع السهم في كبد القوس. ثم قال: باسم الله رب الغلام، ثم رماه فوقع السهم في صدغه فوضع يده في صدغه فمات. فقال الناس: آمنا برب الغلام.
فأُتي الملك فقيل له: أرأيت ما كنت تحذر، قد والله نزل بك حَذَرُك؛ قد آمن الناس.
فأمر بالأخدود بأفواه السكك فخُدَّتْ، وأضرمت فيها النيران، وقال: من لم يرجع عن دينه فأقحموه فيها أو قيل له: اقتحم. ففعلوا حتى جاءت امرأة ومعها صبي لها فتقاعست فقال لها الغلام: يا أمه اصبري فإنك على الحق".
ففي هذا الحديث:
· أنه قُتل جليس الملك والراهب بالمناشير، ولم يرجعا عن الإيمان.
· وكذلك: أهل الأخدود صبروا على التحريق بالنار ولم يرجعوا عن الإيمان.
· وأما الغلام فإنه أمر بقتل نفسه لما علم أن ذلك يوجب ظهور الإيمان في الناس، والذي يَصْبِر حتى يُقتل أو يَحمل حتى يُقتل لأن في ذلك ظهور الإيمان: من هذا الباب.
و في "صحيح البخاري" عن قيس بن أبي حازم عن خبّاب بن الأرتِّ قال: شكونا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو متوسد بردة له في ظل الكعبة فقلنا: ألا تستنصر لنا؟ ألا تدعو لنا؟
فقال: "قد كان مَن قبلَكم يؤخذ الرجل فيحفر له في الأرض فيجعل فيها ثم يؤتى بالمنشار فيوضع على رأسه فيجعل نصفين ويمشط بأمشاط الحديد ما دون لحمه وعظمه وما يصدُّه ذلك عن دينه، والله ليُتِمَّنَّ الله هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت لا يخاف إلا الله أو الذئب على غنمه ولكنكم تستعجلون".
وفي رواية: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو متوسد بردة له في ظل الكعبة وقد لقينا من المشركين شدَّة، فقلت: ألا تدعو الله.
فقعد وهو محمرٌّ وجهُه فقال: لقد كان مَن قبلَكم يمشط بأمشاط الحديد.
والنبي صلى الله عليه وسلم إنما قال لهم ذلك آمرا لهم بالصبر على أذى الكفار، و إن بلغوا بهم إلى حد القتل صبرا، كما قتلوا المؤمنين صبرا؛ ومَدْحًا لمن يصبر على الإيمان حتى يُقتل.
(والحمد لله وحده، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه، وسلم تسليما كثيرا، وحسبنا الله ونعم الوكيل. تمت بعونه تعالى في 25 محرم 1319).
ـ[عبدالرحمن الفقيه]ــــــــ[28 - 08 - 04, 06:50 م]ـ
جزاكم الله خيرا وبارك فيكم
وقد وضعت الكتاب في كتاب مرفق.
ـ[ابن مسعود]ــــــــ[29 - 08 - 04, 02:48 ص]ـ
الملف منسقا على أحد الرابطين المؤقتين فلعل بعض الإخوة ينقله بعد تحميله لملف مرفق أما أنا فلم أستطعه
http://s11.yousendit.com/d.aspx?id=206BADFA7D22EBB58496F461EC04762C
http://s11.yousendit.com/d.aspx?id=BC408D83A082BCEECDC4DF0A1A00BA2E
وجزى الله خيرا شيخنا أبا عمر على اهتمامه وحرصه
ـ[ابن مسعود]ــــــــ[29 - 08 - 04, 08:35 م]ـ
من يتصدق علينا بنقله من أحد الروابط المؤقتة ليكون ملفا مرفقا فإني لم أتمكن من ذلك
إن الله يجزي المتصدقين
http://s11.yousendit.com/d.aspx?id=08F3B38D140900CEE212944977E5B31B
http://s11.yousendit.com/d.aspx?id=14C401AA7E7DE5A57CB87BA63D96BEF0
http://s11.yousendit.com/d.aspx?id=422D20E5B4ADA9E5F6B0F01EEA5442A6
ـ[عبدالرحمن الفقيه]ــــــــ[29 - 08 - 04, 09:17 م]ـ
جزاكم الله خيرا ونسأل الله أن يتقبل منا ومنكم
وهذا هو الملف المرفق.
ـ[ابن مسعود]ــــــــ[30 - 08 - 04, 12:45 ص]ـ
غفر الله لك يا أبا عمر
كم في ردودك من تشجيع لمثلي
ـ[شهاب الدين]ــــــــ[02 - 09 - 04, 08:51 م]ـ
السلام عليكم
بارك الله فيكم