تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[فهرسة المخطوطات العربية في المغرب]

ـ[بن خميس]ــــــــ[28 - 09 - 04, 05:03 م]ـ

[فهرسة المخطوطات العربية في المغرب]

د. أحمد شوقي بينبين

الحديث عن فهرسة المخطوطات في المغرب يستوجب الحديث أولا عن مصادر هذه المخطوطات وعن الطرق المختلفة التي عملت على تجميعها نسخا واستنساخا وتأليفا وترجمة واقتناء إلى أن أصبحت هذا الرصيد الغني الذي تزخر به مكتباتنا والذي جعل المغرب الأقصى قبلة الباحثين من جميع الأصقاع بحثا عن نوادر المخطوطات التي قد يعز نظيرها في جهات أخرى.

إن هذا التراث المحفوظ اليوم في المغرب في مختلف خزاناته يعتبر شاهدا صريحا على اندماج بلد البرابر في الحضارة العربية منذ القرون الإسلامية الأولى. ولم يكن من المصادفة في شيء العثور في مسجد خزانة بزو وهي مدينة صغيرة على جبال الأطلس على النسخة الوحيدة في العالم لكتاب "البرصان والعرجان والعميان والحولان" لعالم البصرة الكبير أبي عثمان الجاحظ (1).

وعلى الرغم من قلة الأخبار والمعلومات عن خزانات الكتب في مصادر التاريخ والتراث بالمغرب فإنه كان للكتاب مكانته في هذا البلد.

إن المسافة الجغرافية والثقافية التي تفصل بين المغاربة والشرق الذي يعتبر منبع حضارة الكتابة تحث هؤلاء المغاربة على إعطاء الكتب وكل شيء مكتوب عناية ومكانة شبه مقدسة تتجلى من خلال حركة الشيوخ الذين ينحدرون لجمع ورقة مطبوعة أو مخطوطة تعترضهم في طريقهم وحفظها في حفرة أو ثقبة حائطية حتى لا تدوسها أقدام المارة.

نلاحظ أن اهتمام المغاربة بالكتاب قديم وتقديسهم للورقة المكتوبة عريق. فلا غرابة إذن في كون المغرب يحتضن خزانات تضم أهم الأرصدة المحفوظة في مختلف بلدان الغرب الإسلامي بأكمله.

وإذا أردنا أن نعطي فكرة عن رصيد التراث العربي المخطوط في المغرب في الوقت الراهن فلا بد من الحديث ولو باختصار عن حالة هذا الرصيد في العصور السابقة. إن طبيعة المخطوطات في المغرب في العصور الأولى وحتى العهد المرابطي لا تكاد تختلف عن طبيعة المخطوطات في المشرق.

كل المعلومات التي أمكن استقاؤها - على ضآلتها - تنبئ بأن معظم الكتب كانت عبارة عن مصاحف قرآنية وكتب فقه وحديث، ويدلنا على هذا تلكم الأخبار المتعلقة باهتمام أمراء الدولة المرابطية بالفقه المالكي، ودعوة الفقهاء إلى وضع كتب الفروع المتعلقة بهذا المذهب.

ولم يكن لكتب المعارف الأخرى، خاصة كتب الفلسفة والتصوف، مكان في الخزانة المغربية، بل يعاقب عقابا صارما من وجدت عنده هذه الكتب.

يقول المراكشي في "المعجب": "ولم يكن يقرب من أمير المسلمين ويحظى عنده إلا من علم علم الفروع، أعني فروع مذهب مالك، فنفقت في ذلك الزمان كتب المذهب وعمل بمقتضاها ونبذ ما سواها…. و دان أهل ذلك الزمان بتكفير كل من ظهر منه الخوض في شيء من علوم الكلام. وقرر الفقهاء عند أمير المسلمين تقبيح علم الكلام وكراهة السلف له وهجرهم من ظهر عليه شيء منه وأنه بدعة في الدين… فكان يكتب عنه في كل وقت إلى البلاد بالتشديد في نبذ الخوض في شيء منه وتوعد من وجد عنده شيء من كتبه" (2).

لم تعرف الخزانة المغربية إذن تغييرا في محتوياتها حتى بداية القرن السادس الهجري الذي عرف نهاية المرابطين. ولكن مع بداية الموحدين الذين كانوا أكثر تفتحا من سابقيهم بدأت كتب الفلسفة والتصوف تجاوز كتب الفقه والحديث والتفسير في الخزانات الخاصة والعامة، وليس أدل على هذا من ظهور أكبر صوفية المغرب في هذا العهد ووضع أكبر التآليف وأشهر شروح كتب فلسفة الإغريق. بإيعاز من عبد المؤمن، وضع أبو مروان عبد الملك بن زهر كتاب "الأغذية". وبدعوة من أمير المؤمنين يوسف بن عبد المؤمن الموحدي، وضع الفيلسوف ابن رشد شروحه لمؤلفات أرسطو. وفي هذا العهد كذلك ألف ابن الزيات التادلي كتاب "التشوف إلى رجال التصوف" الذي يعتبر أكبر مؤلف عن صوفية المغرب في العصر الوسيط (3).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير