تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وبالإضافة إلى الإلمام بالببليوغرافيا، على المفهرس أن يكون باليوغرافيا يستطيع التمييز بين أنواع الخطوط القديمة. معظم أدلة المخطوطات في المغرب تشير إلى نوعية الخط الذي كتبت به المخطوطة فتقول: خط شرقي أو خط مغربي، ولكننا لا نعثر إلا قليلا على الأدلة التي تحدد بالتدقيق هذا الخط. فإذا كان الخط مغربيا مثلا فهو إما أندلسي أو مغربي أو موريتاني أو غير ذلك، وإذا كان مغربيا فهو فاسي أو صحراوي أو سوسي أو بدوي أو غير ذلك.

وإذا كان بعض العلماء الذين اهتموا بالمخطوطات واشتغلوا بها عقودا من الزمن يستطيعون التمييز بين هذه الخطوط فإن المغرب يبقى بحاجة إلى باليوغرافيين مختصين بعلم الخطوط القديمة. هذه بعض المواصفات التي ينبغي توافرها في المفهرس وهي التي تجعله قمينا بممارسة هذا الميدان الذي يقتضي حدا أدنى من علم المخطوطات والباليوغرافيا أو علم الخطوط، بالإضافة إلى ثقافة مخطوطية وتجربة كافية وتكوين عام.

ولنتساءل أخيرا: هل يمكن اقتراح بطاقة نموذجية لفهرسة المخطوط العربي تأخذ في الاعتبار كل المعطيات العلمية والتقنية الحديثة قبل أن نحدد مفهوم الفهرسة تحديدا نهائيا يجمع عليه العلماء والمختصون ويحظى بقبول كل المهتمين بالمخطوطات في جميع المراكز والمكتبات العربية؟

إن الفهرسة كما هو معلوم جزء من علم المخطوطات وهذا الأخير عبارة عن عدة علوم كالبحث في تاريخ المكتبات وحياة النساخ وفي تأريخ المخطوطات، وفي مصادر المجموعات وفي وضع الكشافات والفهارس وما إلى ذلك. وقد يلاحظ المتتبع لفهارس المخطوطات في العالم العربي أن بعض الفهارس ذات الاتجاه التفصيلي قد ضمنها أصحابها بعض المواصفات التي قد تبتعد عن الفهرسة

التي تقصد إلى التعريف بالمخطوط تعريفا علميا نسبيا يفيد الباحثين والمحققين منهم على وجه الخصوص. فالإشارة إلى مصدر المخطوط مثلا هي من اختصاص الباحث في تاريخ المخطوطات الذي يهتم به في المعاهد العلمية الخاصة بالتراث المخطوط. وعملية المقابلة بين النسخ الخطية لا تدخل في مهمة المفهرس بقدر ما تدخل في اختصاص مؤرخ النصوص والمحقق العلمي على السواء. فلا ينبغي للمفهرس الذي يضع فهرسا مفصلا للمخطوط أن يحل محل علماء المخطوطات والمهتمين بتاريخ النصوص والفيلولوجيين على السواء. أعتقد أن هذه أشياء لا محل لها في أي عمل علمي يهدف بالدرجة الأولى إلى الضبط الببليوغرافي للمخطوطات وإلى التعريف بها وتوثيق وجودها.

إن عدم تحديد مفهوم الفهرسة تحديدا علميا هو الذي دعا إلى الاختلاف الكبير الذي نلاحظه في الفهارس التي وضعت حتى الآن سواء من طرف العرب أو من طرف المستشرقين. إن الممارسين لهذه العملية في إطار المخطوطات العربية، بدءا بالشوام الذين مارسوها في أوروبا منذ القرن السابع عشر إلى المحدثين من العرب والمستشرقين، قد فهرسوا المخطوطات حسب اجتهاداتهم الشخصية، وآرائهم الفردية، فمنهم من وضع الكشافات ( Index) واعتقد أنه وضع فهارس، ومنهم من بالغ في تصور لعملية الفهرسة فاقتحم، دون شعور، مجال علم المخطوطات أو الكوديكولوجيا ( Codicologie) أو مجال التحقيق العلمي ظنا منه أنه مارس الفهرسة العلمية. كما نعتقد جازمين أنه لا مجال لاقتراح بطاقة وسطا لفهرسة المخطوط، بدعوى أنها لا هي مفصلة ولا هي مختصرة، على غرار ما صنعه أصحاب القوائم والأدلة. كما أنه لا مجال لقبول نوعين من الفهرسة، فهرسة مطولة خاصة بالمعاهد العلمية، وأخرى مختصرة يمارسها المكتبيون والمفهرسون للمخطوطات في المكتبات الوطنية.

بهذا الاعتبار، لا يمكن اقتراح أي نموذج للبطاقة الفهرسية قبل تحديد مفهوم الفهرسة تحديدا علميا يتم في حدوده، وفقا لشروطه، وصف المخطوط العربي.

وبعد فهذه فهارس خزانات الكتب المغربية التي اكتظت بتراث العروبة وزخرت بآثار الإسلام والتي تشرف على أمجاد وعظمة هذه الدولة العربية الإسلامية وتحكي للأجيال الحاضرة والمقبلة قصة أسلافنا الخالدين، مشارقة ومغاربة، وتنقل لهم بصدق وأمانة جهود الأسلاف وعبقريتهم وذلك بما تحويه اليوم من مخطوطات وبما تحتفظ به من وثائق وسجلات.

الهوامش

1 - حققه اعتمادا على هذه النسخة اليتيمة الدكتور محمد مرسي الخولي ونشره عام 1972، ط. ثانية1981. والنسخة الوحيدة محفوظة بخزانة جامع القرويين.

2 - المعجب للمراكشي، ط1978. ص254 - 255.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير