[جولة تعريفية بمكتبة قرطبة التاريخية]
ـ[محب المخطوطات]ــــــــ[23 - 12 - 04, 01:37 ص]ـ
مكتبة قرطبة
أنشئت هذه المكتبة في عصر محمد الأول عام 238 - 273هـ / 853 - 887م. ثم تطورت في عهد الحكم الثاني، وقد كانت مكتبة الحكم رصيدها ثلاث مكتبات هي: مكتبة القصر التي اشتملت على ما جمعه أسلافه، ومكتبة أخيه محمد التي ورثها بعد وفاته، ومكتبته الخاصة التي جمعها من كل حدب وصوب، وأخذ الحكم في تنمية مجموعات المكتبة الجديدة حتى بلغ عددها أربعمائة ألف مجلد.
نبذة تاريخية
عندما تولى الحاكم الأموي عبد الرحمن الناصر حكم الأندلس عام 300 - 350هـ / 913 - 962م. والذي اشتهر بحبه للكتب حتى بلغت شهرته الإمبراطور البيزنطي قسطنطين السابع الذي لم يجد شيئا يتقرب به إلى قلب الناصر حينما عزم على عقد معاهدة معه سوى أن يهديه كتابا جديدا لم يعرفه من قبل وهو كتاب ديسقوريدس، وكانت هذه النسخة رائعة حيث كتبت بحروف من ذهب وزينت برسوم جميلة، وحب الناصر للكتب جعله يهتم بمكتبة القصر الملكية وذلك بتزويدها بكل ما هو نفيس من الكتب.
وفي تلك الأيام بدأ كل من ولديه الأميرين الحكم ومحمد دراستهما تحت إشراف معلمين من أهل البلاد وخارجها، وقد زاد شغفهما بالكتب إلى درجة قوية جعلتهما لا يرضيان عن مكتبة أبيهما، وبدأ يتنافسون في طلب العلم ويتناغيان في جمعه ويتباريان أيهما يستطيع أن يجمع مكتبة أكثر عددا وأفضل اختيارا من الآخر، وعندما توفي محمد آلت كتبه لأخيه الحكم وورثها عنه.
وفى عام 350هـ / 962 م. تولى مسئولية الحكم المستنصر بالله بن عبد الرحمن الناصر لدين الله الذي كان شغفه بالكتب والمكتبات ومقدار اهتمامه بالعلم والعلماء كبيرا، فجعل الحكم كل هدفه السير بالأندلس قدما في طريق العلم والمعرفة فوجه الحكم جل اهتمامه إلى بناء وتنمية مكتبته الخاصة فنشر رجاله في كل مراكز الثقافة الإسلامية يبحثون عن النادر من الكتب والمخطوطات ويدفعون أغلى الأثمان بغية الحصول عليها، بل وكانوا يصادقون تجار الكتب في كل مكان ليدلوهم على ما صدر منها وما هو بسبيله إلى الصدور وكان يحدث كثيرا أن يشتروا الكتب من مؤلفيها أو ناشريها لتصدر في الأندلس قبل أن ترى النور في بغداد أو الموصل أو البصرة أو مصر حيث كان الحكم يجد متعة في أن يكون أول قارئ لما يصدر من الأبحاث الجديدة.
وللأسف كان مصير هذه المك تبة نفس مصير المكتبات المشرقية من الحرق والسلب والنهب والتخريب، ذلك أنه بعد وفاة الحكم ولي الأندلس المنصور ابن أبي عامر وقد أراد أن يرضي العامة والفقهاء في زمانه فأخرج من المكتبة جميع الكتب الفلسفية وأضرم فيها النار في الميدان العام في قرطبة.
ولم يقف أمر هذه المكتبة عند هذا الحد فقد ضعفت الأندلس بعد وفاة المنصور وبدأت في التفسخ وقد تعرضت قرطبة لحصار البرابرة واحتاج الحاجب واضح مولى المنصور ابن أبي عامر إلى المال فأخرج أكثر الكتب من المكتبة وباعها، وما تبقى منها نهب وحرق عندما اجتاح البرابرة قرطبة.
أقسام المكتبة
لم يكن للمكتبات عند إنشائها أبنية مستقلة خاصة، بل كانت المكتبة جزءا غير مستقل من مبنى المؤسسة التي تنشأ في كنفها، فكانت مكتبة الحكم تشغل إحدى أجنحة قصر الخلافة بقرطبة وكان هذا الجناح هو ما يعرف في التاريخ باسم مكتبة الحكم أو مكتبة قرطبة الأموية، وعندما ضاقت غرف المكتبة بما تحويه من كتب، علاوة على عدم استيعابها للزيادة المطردة من الكتب كان من الضروري أن تنقل المكتبة في مكان آخر، وقد استغرقت عملية النقل ستة أشهر كاملة.
وكانت المبنى الجديد يضم عددا من الأقسام منها قاعة الكتب وهي أصل المكتبة، ومركز البحث والتأليف، ومركز النقل والترجمة، ومركز التدقيق والمراجعة. أما وظائفها الخاصة فكانت كما يلي:
المكتبة: وكانت تشمل القاعة الرئيسية في مبنى المكتبة، وكانت تشمل عددا كبيرا من الكتب التي كان يجمعها الأمراء من كل حدب وصوب حتى بلغت هذه الكتب أربعة آلاف مجلد، وكانت المكتبة قد اعتمدت على مجموعة مصادر في بناء وتنمية مجموعاتها من الكتب منها الشراء ويعتبر المصدر الأهم في جمع الكتب حيث كان الحكم الثاني ينفق في شراء الكتب ونوادر المخطوطات أموالا طائلة.
¥