تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

صفحات نادرة من مخطوط قرآني ينسب إلى أسبانيا، كتبت على الرق المصقول المجوَّد بالخط المغربي المطوّر بعد إدخال الإعجام الكامل على الحروف العربية (التنقيط) والتشكيل. وتتميز صفحات هذا المخطوط بأن المذهّب شغل فواصل الآيات وبداية السور بالنقاط والحليات الذهبية.

ومن بين أندر مخطوطات المصاحف في مصر مجموعة مصاحف: أولها المعروف باسم ربعات أولجايتو كتبها الخطاط عبد الله بن محمد بن محمود الهمذاني، للسلطان أولجايتو خذ بنده محمد ثامن سلاطين الدولة الإيلخانية بإيران عام 1284م، وقد كتبت أجزاء هذه الربعة بالمداد الذهبي المشعر بالمداد الأزرق وأحيطت سطورها بالجداول والزخارف الذهبية، ويتصدر كل جزء لوحتان منقوشتان بالذهب لهما زخارف استهلالية هندسية تتداخل فيها الدوائر والأشكال الخماسية والنجمية.

كما تحتفظ دار الكتب المصرية بمخطوط مصحف باسم السلطان المؤيَّد شيخ كتبه الخطاط موسى بن إسماعيل الحجيني عام 1417م وتمتاز زخارف هذا المصحف بأنها تكثر في الصفحة الاستهلالية التي شكل الفنان وحدتها الفنية الرئيسية على هيئة مشكاة رسمت بداخلها أزهار وأهلّة متناسقة الألوان إلى جانب أشغال التذهيب التي حلّى بها الفنان زخارف المصحف بأسلوب فني بديع.

ولم تكن المخطوطات الدينية قاصرة على مخطوطات المصاحف فقط إذ تشهد بعض المخطوطات الثمينة في المتحف القبطي بالقاهرة، وفي بعض متاحف ومكتبات العالم أن تزيين المخطوطات الدينية وتذهيبها لم يكن وقفًا على المصاحف وكتب المسلمين فحسب، بل كانت مخطوطات الإنجيل والتوراة والكتب الدينية النصرانية واليهودية تكتب بأنواع من الخط العربي وتذهّب وتزيّن صفحاتها بالرسوم الهندسية والنباتية على غرار الطراز العربي الإسلامي. ولعل أبدع تلك المخطوطات، مخطوط نفيس من الإنجيل، مملوكي الطراز محفوظ الآن بالمتحف القبطي بالقاهرة. وقد نسخ هذا المخطوط بمدينة دمشق عام 1334م، وقد زُخرفت صفحاته الأولى برسوم هندسية ونباتية مذهبة. ومن الجدير بالذكر أن زخارف هذا المخطوط لا تختلف من حيث أسلوبها الفني عن الأسلوب الفني الذي ساد منذ عصر المماليك وبخاصة من ناحية التشابه الواضح مع تذهيب المصاحف المملوكية. والخلاصة أن الأسلوب الفني الإسلامي الذي ظهر في المخطوطات الدينية لم يكن مقصورًا على المخطوطات الإسلامية، بل أثّر بشكل واضح في المخطوطات الدينية للعقائد الأخرى، وكذلك أثرت زخارف المخطوطات الإسلامية على رسوم التحف المعدنية والخزفية والجصّية وفي المنسوجات والسجاد.

خط نسخ تركي في القرن العاشر الهجري، السادس عشر الميلادي.

المخطوطات الدينية المصوّرة (المزوّقة). إذا كان التذهيب قد استخدم بصورة واضحة في تزيين المخطوطات الدينية وبخاصة في مخطوطات المصاحف، فالأمر يختلف بالنسبة للمخطوطات ذات الموضوعات الدينية، حيث تعتمد تلك المخطوطات على أسلوب فني يساعد على إبراز موضوع المخطوط، ويعرف هذا الأسلوب الفني باسم التصوير. وعلى الرغم من تحفظات الفقهاء والعلماء المسلمين الكثيرة على هذا الفن، فإن كراهية التصوير في الإسلام لم تقض على هذا الفن بل استمر، وأنتجت منه الأقطار الإسلامية أعمالاً متميّزة صنّفت في مدارس فنية، وأصبحت تمثّل مجالاً من مجالات الفنون الإسلامية.

وقد كانت إيران في طليعة البلدان الإسلامية التي لم تُؤثِّر فيها كراهية التصوير تأثيرًا كبيرًا، على الرغم من أن الفقهاء في إيران كانوا يكرهون التصوير والمصورين.

غير أن دراسة المخطوطات المزوّقة، تقوم بصفة أساسية على التصاوير التي تزين صفحات المخطوطات أو توضح نصوصها أو التي صارت تجمع في مرقعات (ألبومات) وعثر على نصوص قديمة تشير إلى عناية المسلمين بتزويق المخطوطات منذ القرن الأول، ومن أوضح هذه النصوص ما جاء في كتاب كليلة ودمنة الذي ترجمه عبد الله بن المقفَّع في أيام الخليفة العباسي أبي جعفر المنصور 132هـ،750م، أنه ¸قد ينبغي للناظر في كتابنا هذا ألا تكون غايته التصفح لتزويقه· وأن من أغراض الكتاب الأربعة ¸إظهار خيالات الحيوان بصنوف الأصباغ والألوان والصور ليكون أنسًا لقلوب الملوك·.

ومع ذلك لم تصل إلينا مخطوطات مزوّقة بتصاوير ذات قيمة فنية ترجع إلى القرون الإسلامية الأولى.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير