تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وكذلك الإمام مسلم رحمه الله، قال: "انتخبت هذا الكتاب من ستمائة ألف حديث مسموعة" وأقصى ما ذكره أحمد بن سلمة رفيق مسلم وصاحبه، وهو الذي عناه مسلم بالمخاطبة في مقدمة صحيحه، فإنه يقول: "وإنك يرحمك الله بتوفيق خالقك ولك مني أن أصنف كتاباً .. إلى آخر كلام مسلم، فمسلم يخاطب أحمد بن سلمة، فيقول أحمد بن سلمة أن جملة ما في صحيح مسلم اثنا عشر ألف حديث، وطبعاً هو يقصد بالمكرر، بحيث أن مسلماً لو قال حدثنا قتيبة ح حدثنا مثلا القعنبي قال قتيبة حدثنا مالك وقال القعنبي أخبرنا مالك أنه يعدّ هذا حديثين، حديث لقتيبة عن مالك، وحديث للقعنبي عن مالك، إذا كان الأمر كذلك، نعم يمكن أن يصل الأمر إلى اثني عشر حديثاً، لكن بالمتون فصحيح مسلم يتجاوز الألفين بشيء يسير، حوالي ثلاثمائة أو أربعمائة، وسنذكر عدة ما في صحيح البخاري وعدة ما في صحيح مسلم عن أهل العلم في المحاضرة القادمة إن شاء الله ..

س: ماذا يقال لو قلنا عن البخاري صحح أحاديث ليست على شرطه كما عند الترمذي؟

ج: كلمة (شرط البخاري) مرتبطة بـ (صحيح) البخاري، وليس بـ (تصحيح) البخاري، فيجب التفرقة بين الاثنين، فعندما نقول هذا حديث صحيح على (شرط البخاري)، فإننا نقصد طريقة البخاري في صحيحه خصوصاً، فيراعى في الكلام على الشرط صحيح البخاري لا تصحيح البخاري، فالبخاري قد يصحح أحاديث ليست على شرطه، وليس كل حديث ليس على شرط البخاري يكون ضعيفاً، لأن الحديث إما أن يكون على شرطهما أو على شرط البخاري أو على شرط مسلم أو على شرط واحد من أصحاب الصحاح الذين يأتون بعد ذلك، مثل ابن خزيمة وابن حبان والحاكم وغيرهم.

المحاضرة الثانية

أن الحمد لله تعالى نحمده ونستعين به ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهد الله تعالى فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وأحسن الهدي هدي محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وشر الأمور محدثاتهما، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.

اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد.

سنواصل الكلام عن الصحيحين، وسوف نتطرق إلى ذكر بعض الأحاديث التي انتقدها بعض أهل العلم على الصحيحين، ونتبع ذلك ببيان التعدي أيضاً على الصحيحين من قبل الجهلة الأغمار الذين كتبوا في هذا الزمان، وأرجو من إخواننا طلاب العلم أن ينتبهوا جيداً إلى هذه الدروس وإلى هذه القواعد التي سنذكرها في ثنايا الكلام على الصحيحين، حتى يتسنى لهم أن يهضموا طريقة الشيخين في تصنيف كتابيهما، ومن ثم نذبّ عن هذين الكتابين الجليلين هذه الغارات الظالمة، الجائرة، الجاهلة أيضاً؛ ونحن نعلم مما تقدم من الدروس أن الحكم على الحديث تصحيحاً وتضعيفاً، إنما هو فرع على الكلام عن الراوي تجريحاً وتوثيقاً، فالأصل هو الحكم على الراوي، والفرع هو الحكم على حديث الراوي، فمن كان ثقة صادقاً أميناً، فحديثه صحيح، ومن كان ضعيفاً مجروحاً فحديثه ضعيف أو دون ذلك، فالأصل هو الكلام عن الراوي، والفرع هو الكلام عن الخبر أو الحديث الذي نقله هذا الراوي.

فاعلم أيها المسترشد، أن الرواة الذين روى لهم الشيخان البخاري ومسلم ليسوا جميعا على طبقة واحدة في الثقة والضبط والإتقان، إنما هم طبقات متفاوتة. الذي يعنينا هم الرواة الذين تكلم فيهم أهل العلم، لماذا أخرج البخاري ومسلم لرواة تكلم أهل العلم فيهم؟

هناك حكاية رواها الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد عن سعيد بن عمرو البرزعي وهو أحد الذين نقلوا كلام أبي داود في العلل وكلام ابن زرعة الرازي، فيقول سعيد ابن عمرو: "شهدت أبا زرعة الرازي عبيد الله بن عبد الكريم وذكر الكتاب الصحيح الذي ألفه مسلم" وأبو زرعة الرازي من صغار شيوخ مسلم، أي أن مسلم اشترك مع أبي زرعة الرازي في الرواية عن شيوخ كثيرين فهو من تلاميذه وأقرانه في نفس الوقت، (أي مسلم من تلاميذ أبي زرعة الرازي ومن أقرانه في آن واحد) مثل البخاري والإمام أحمد بن حنبل، فالبخاري تلميذ أحمد وقرينه في آن واحد، تلميذه- لأنه روى عنه، وقرينه-

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير