تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قال: أنا من أهل النار، أما قد حبط عملي، إن الله عز وجلّ قال: {لا تَرْفَعُواْ أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيْ} وقد كان صوتي يعلو صوت النبي صلى الله عليه وسلم. فذهب سعد بن معاذ إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره فقال: فأخبره أنه من أهل الجنة. قال أنس: فكان يمشي بيننا ونحن نعلم أنه من أهل الجنة.

روى مسلم هذا الحديث عن قطن بن نسير عن جعفر بن سليمان الضبعي عن ثابت بن أسلم البناني عن أنس بن مالك رضي الله عنه، ورواه مسلم عن الحسن بن موسى عن حماد بن سلمة عن ثابت بن أسلم البناني عن أنس بن مالك، ورواه مسلم أيضاً عن المعتمر بن سليمان عن أبي سليمان التيمي عن ثابت بن أسلم البناني عن أنس بن مالك رضي الله عنه. فمسلم إذن روى حديث قطن في المتابعات، أورد حديث حماد بن سلمة عن ثابت أولاً، واعتبره- هذا الحديث- العمدة في الباب، وأورد اللفظ على حديث حماد، ونحن نعلم أن حماد بن سلمة هو أثبت الناس عن ثابت بن أسلم البناني، فيكون قد روى الحديث عن حماد بن سلمة عن ثابت، وروى الحديث عن سليمان التيمي عن ثابت، هذان حديثان عمدة، ثم روى بعد ذلك أو بينهما، حديث قطن عن جعفر بن سليمان، فإذن أورد حديث قطن في المتابعات، ما أورده احتجاجاً به، فمسلم احتاط في الرواية عن قطن إذن أم لا؟ احتاط في الرواية.

الحديث الثاني الذي أخرجه مسلم لقطن، أخرجه في كتاب التوبة، قال مسلم: حدثنا يحيى بن يحيى التيمي، وقطن بن نسير، واللفظ ليحيى. هذان قالا: حدثنا أو أخبرنا جعفر بن سليمان الضبعي عن سعيد بن إياس الجريري عن أبي عثمان النهدي عن حنظله الأسيدي أنه لقي أبا بكر الصديق فقال: نافق حنظلة! وأنتم تعرفون الحديث طبعاً، [حين] قال النبي صلى الله عليه وسلم: يا حنظله! ساعة وساعة. هذا هو الحديث.

فمسلم روى هذا الحديث قال: حدثنا يحيى بن يحيى وقطن، فإذن جاء مقروناً أم لا؟ مقروناً بغيره، فهل احتاط أم لا؟ احتاط. لأن العمدة في هذه الرواية على مَن؟ على يحيى بن يحيى. أما قطن بن نسير فإنما أورده متابعاً، فإن لم يعجبك قطن، فأسقطته، بقي الحديث على حاله، كأنما قلت: حدثنا يحيى بن يحيى، قال حدثنا جعفر بن سليمان، فلا يضر الحديث شيء. فالحديث الثاني والأخير الذي رواه مسلم لقطن بن نسير جاء مقروناً، والحديث الأول رواه في المتابعات، فإذن احتاط مسلم.

فقائل يقول لك: سعيد بن إياس الجريري اختلط، كان اختلط في أيام الطاعون، يعني حصل [الطاعون] مثلاً سنة 132 هـ، فأنكروا سعيد بن إياس الجريري في أيام الطاعون، فهل جعفر بن سليمان الضبعي ممن روى لسعيد بن إياس قبل الاختلاط؟ لا .. روى عنه بعد الاختلاط، فإن الحديث ضعيف، دَعْكَ من قطن، فالحديث فيه ضعف، لأن جعفر بن سليمان الضبعي ممن سمع من سعيد بن إياس الجريري بعد الاختلاط، فنقول: إن مسلماً رحمه الله روى هذا الحديث أيضاً من طرق. من ضمن هذه الطرق، طريق عبد الوارث بن سعيد عن سعيد بن إياس الجريري، والطريق الثاني: سفيان الثوري عن سعيد بن إياس الجريري، وعبد الوارث وسفيان الثوري ممن سمع من الجريري قبل الاختلاط. فهل على الحديث مشاكل؟ كلا .. فكون مسلم أورد طريقاً آخر داخل في باب المتابعات، لا يقال لماذا أخرج لجعفر عن سعيد الجريري، وجعفر سمع من سعيد بعد الاختلاط، فالجريري اختلط سنة 132 هـ، أيام الطاعون، والذين رووا عن سعيد بن إياس الجريري قبل الاختلاط: حماد بن سلمة، حماد بن زيد، عبد الأعلى بن عبد الأعلى، شعبة، سفيان الثوري، يزيد بن زريع، معمر بن راشد، وهيب بن خالد، إسماعيل بن عليّة. كل هؤلاء سمعوا من سعيد بن إياس الجريري قبل الاختلاط، وهم بصريون، وقد ذكر أبو داود السجستاني قاعدة جيدة، قال: من روى عن سعيد بن إياس وقد أدرك أيوب السختياني، فسماعه جيد. أتعرف معنى هذه العبارة (من روى لسعيد وقد أدرك أيوب)؟ تذهب لترجمة أيوب السختياني، وتنظر في الرواة عن أيوب، هذه النقطة الأولى، ثم تذهب لترجمة سعيد الجريري وتنظر في الرواة عن سعيد، فالراوي المشترك بينهما يكون سماعه جيداً؛ لأن من روى عن أيوب وروى أيضاً عن الجريري فسماعه جيد. سنأخذ رواة مشتركين عن أيوب بن سعيد الجريري، فأنا إذا نظرت في ترجمة هذين، وجدت أن الرواة المشتركين الذين رووا للاثنين هم الجماعة الآتون: حماد بن زيد، عبد الوارث بن سعيد، معمر بن راشد،

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير