تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

نأخذ مثالاً للرد على هذا. كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن يحدث بحديث، فهل كان يجمع الصحابة جميعاً حتى يقول لهم الحديث؟ أم أنه كان يتكلم في حضور الواحد والاثنين والثلاثة؟ وقد يحصل موقف ما فيعلق النبي صلى الله عليه وسلم عليه بكلامه، وهذا الكلام لا يسمعه إلا صاحبه، صاحب الموقف وحده. فيأتي صاحب الموقف هذا فيحكيه إذا جاءت مناسبة له، وأنت عندك معلومات وخبرات لا تتكلم بها إلا إذا جاء الوقت المناسب، كأن يسألك أحد سؤالا فتقول له مما عندك، فإذا لم يسألك السائل هذا السؤال، يظل هذا العلم مخزوناً مكتتماً عندك، أليس هذا عندنا كلنا؟ ولا يذكره أحد.

أبو مسعود البدري رضي الله عنه، رآه النبي صلى الله عليه وسلم وهو ماش وجده ماسكا له غلاما له يضربه، فقال: (اعلم أبا مسعود) قال: فالتفتُ فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: (اعلم أبا مسعود أن الله عليك أقدر منك عليه). فقال أبو مسعود: هو حرٌ يا رسول الله. وأعتقه من أجل كلمة. فكلام النبي صلى الله عليه وسلم هذا لم يقله له بعد أن قال: اجمع لي عشرة ليسمعوا الكلام الذي سأقوله. كلا .. إذن لا يشترط في هذه الحال أن يجمع النبي صلى الله عليه وسلم كل الناس حتى يقول الحديث الواحد، بل قد يقول الحديث في حضور الواحد أو الاثنين أو الثلاثة.

كذلك الذين حضروا مع عمر بن الخطاب لم يُسألوا عما قال عمر، لكن سُئل علقمة، فلأنه سئل، قال سمعت عمر بن الخطاب على المنبر يقول كذا وكذا، ونرجع في هذا إلى القاعدة المعروفة من تفرد الثقة لاسيما إذا احتفّ هذا التفرد بالإجماع. فحديث الأعمال بالنيات [كما قلنا آنفاً] أجمعت الأمة على قبوله، يعني أجمعت على قبوله من كل راوٍ روى هذا الحديث. أجمعت على قبوله من عمر، وعلى قبوله من علقمة عن عمر، وعلى قبوله من محمد بن إبراهيم التيمي عن علقمة، وعلى قبوله من يحيى بن سعيد الأنصاري عن محمد بن إبراهيم التيمي. أجمعت الأمة على قبول هذا الخبر بهذا الإسناد الفرد الواحد. إذن بعد إجماع الأمة ليس للمرء مذهبُ، إلا تثبيت هذا الإجماع أو القول بمقتضاه، لاسيما إجماع أحد الأدلة الثابتة التي اتفق أهل العلم على حُجيّتها.

فنحن تريد أن نقول الآن: إن النظر في الصحيحين ينبغي أن نعلم أن جمهور متون الصحيحين صحيح، إذن حين انتقد العلماء على الشيخين، انتقدوا ماذا؟ 99% انتقاد إسنادي، مثلاً، يروي أحدهم حديثاً عن الزهري عن ابي سلمة عن عائشة فيقول الدارقطني مثلاً: لا بل الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة وليس من عائشة، فيجعل الحديث من مسند أبي هريرة وليس من مسند عائشة، فالبحث إسنادي فقط وليس متنياً. إذن المتأخرين الذي يتخبطون الآن يتحدثون عن الأسانيد أم عن المتون؟ عن المتون طبعاً، لأنهم لا يفهمون شيئاً في الأسانيد، ولو قرأ الإسناد [لخلط وتخبط] فلا يعرف قراءة أسماء الرجال قراءة صحيحة، يعني لو فتح كتاباً وأحب أن يقرأ ويجرب حظه، إنما كل كلامهم عن المتون التي اتفق أهل العلم على صحتها، إنما كلام [أهل العلم] في الأسانيد. فمثلا الدارقطني في كتاب (التتبع وذكر ما في الصحيحين والأحاديث مما فيه علة) كلام الدارقطني [في هذا الكتاب] كله كلام إسنادي، و [قس عليه] أبا علي الغساني، أبا مسعود الدمشقي بن عمار الشاهين كل الكلام الذي تكلموا فيه خاص بالأسانيد وليس خاصاً بالمتون، إذا كانت المسألة مسألة إسنادية، فنحن قلنا في نطلع الكلام ماذا؟ قلنا: صحة الحديث فرع على ثقة الراوي أم العكس؟ من طغى على الثاني؟ من الأصل؟ من الفرع؟ الأصل الراوي والفرع الرواية عن هذا الراوي. إذا كانت المسألة كذلك فالحكم على الرواة مسألة تختلف فيها أنظار النقاد، لنتكلم اليوم مثلا عن الشيخ الألباني رحمه الله: اتهم الشيخ الألباني بتهم عديدة، اتهم بالإرجاء واتهم بأنه مخذّل للجهاد في سبيل الله، وقال للفلسطينيين اتركوا البلاد للإسرائيليين، ومتهم بتنويم الأمة تنويماً مغناطيسياً، ببرنامجه الذي ليس له آخر (التصفية فالتربية) يقصد الشيخ بالتصفية، تصفية الإسلام مما علق به أولا، ثم نرد الجماهير على هذا الإسلام المصفى. الأحاديث الضعيفة والموضوعة والمنكرة في كل علم من العلوم في الحديث أو التفسير أو الفقه، أو العقائد، أو السلوك لأن الأحاديث الضعيفة حين دخلت هذه الفنون أخذت أحكامها، فكم من الأحاديث

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير