تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ضعيفة أثبت الفقهاء عليها حلالا وحراما فلو أخرجنا هذه الأحاديث الضعيفة واستبعدناها، ستخرج منها أيضاً الكثير من الأحكام المحرمة والتي هي ليست حراما أصلاً، أو مقبولة، وهي ليست مقبولة، لأنها بُنيتْ على هذا الحديث الضعيف. فقال: نصفي الإسلام أولا ثم نربي. قالوا: هيهات حتى نصفيه، حتى نصفيه نحتاج إلى دول تتكاتف وتكون لجاناً علمية، وتتفق هذه اللجان فيما بينها حتى لا تنقض بعضها بعضاً، كل لجنة مختصة بالحكم على الحديث والتفسير والفقه تلتقي مع غيرها وتقوم بعمل تنقيح للآراء ويخرج حكم واحد، فمتى يحدث ذلك؟ في المنام، إذن سنوقف التربية حتى نصفي الإسلام ولا أحد سيصفيه، إذن هكذا تضيع التربية.

من الممكن أن يأخذ أحد هذا الكلام بدون أن يحقق كل تهمة منسوبة إلى الشيخ، فيُسأل عن الألباني فيقال له: ما رأيك في الألباني؟ يقول: مرجئ. هل تحققت من هذه المسألة؟ لا لم يحققها.

شخص آخر يقول: الألباني إمام ثقة، فمن قال: (ضعيف أو مرجئ) ردّ خبره، ومن قال (ثقة) قبل خبره.

إذن نحن نريد أن نرصد الكلام على الراوي. يحيى بن معين (إمام الجرح والتعديل) يمكن أن يكون له على الراوي قول واثنان وثلاثة، في الراوي الواحد. له في محمد بن إسحق خمسة أقوال: ثقة- لا بأس به- ليس بالقوي- ليس بشيء- ضعيف.

فهل الإمام متناقض؟ متناقض طبعاً، هل هذا التناقض حقيقي؟ أم لابد أن نبحث لماذا اختلف قول ابن معين على خمسة أقوال في راوٍ واحد؟ نرجع ونبحث في كلام يحيى بن معين، نجد أنه قال (ثقة): في أصل الكلام في محمد بن إسحق هو في نفسه ثقة. (ليس به بأس): إذا قورن بمثل مالك، فلو سألته: ما تقول في محمد بن إسحق؟ أهو كمالك؟ يقول: محمد بن إسحق ليس به بأس. أي ليس به بأس إذا جرى أمام مالك في مضماره هذا. (ضعيف): يمكن أن يكون يحيى بن معين حكم بالضعف على رواية بعينها خالف فيها محمدُ بن إسحق مالكاً، فيقول: لا، مالك النجم وابن إسحق ضعيف، إذا قورن بمالك. إذن كل قول من هذه الأقوال يمكن أن يخرّجه على وجه، فإذا كان الناقد الواحد يمكن أن يكون له أكثر من قول في راوٍ واحد، فلاشك أن أكثر من ناقد قد يكون له أكثر من قول في راو واحد.

فنحن نريد أن نقول: إن مسأله ضبط الحكم على الراوي مسألة عسيرة. فحين تقرا في ترجمة أي راو مختلف فيه، أحد يقول لك (ضعيف) وآخر يقول (لا بأس به) وآخر يقول (ثقة) فالراوي هذا خلاصة الحكم عليه ماذا؟

بعض الناس يقول: الحافظ ابن حجر لخص هذا الأمر وحل الإشكال في (تقريب التهذيب) فيقرأ ترجمة الراوي، ويعطي نظرة عامة يقول هذا الراوي (صدوق يهم) هكذا جمع بين الأقوال كلها، أو يقول (ليّن) أو (له أوهام) أو (يخطئ) هذا فعل الحافظ بن حجر في تقديره. سبقه الذهبي في كتاب (الكاشف) لخص الكلام على رواية الكتب الستة في كلمة واحدة. أنا رأيي أن هذه الكتب لا فائدة منها، لا فائدة من كتاب التقريب لابن حجر ولا الكاشف للذهبي، أعرف أن هذا الكلام لا يعجب أساتذة الجامعة بالذات، في كليات أصول الدين، هذا الكلام لن يعجبهم، لماذا؟ لأنهم يعتبرون أن كتاب التقريب كالقرآن، قرآن الحديث هو تقريب ابن حجر. وأنا أقول- وهذا كلام ليس بجديد- أن هذا الكتاب لا فائدة منه أبداً، لا التقريب ولا الكاشف، لأن الحكم على الراوي أو رواية الراوي ينبغي أن يكون حكما عمليا، وليس حكما نظريا، رواية الراوي لا تخرج عن ثلاثة أقسام:

1/ إما أن يتابع عليها.

2/ وإما أن يخالف فيها.

3/ وإما أن يتفرد بها.

هل يوجد قسم رابع.؟

أنا لم أنبهكم أن هذا اليوم لدرس مصطلح الحديث. بإذن الله، اليوم والاثنين القادم والذي يليه والذي يليه مصطلح، شهر ونصف تقريباً إن شاء الله إلى أن ننتهي من البحث في الكلام عن الصحيحين، وسأحضر بعض الأحاديث بدأ من لمحاضرة القادمة إن شاء الله (بعض الأحاديث التي تكلّم أهل العلم عنها) وأعرفكم كيف أن رأي البخاري ومسلم أسدّ من رأي المخالفين، كنوع من التدريب العملي على رد المطاعن الموجهة للصحيحين.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير