تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[مفهوم الجهاد في سبيل الله عند شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله]

ـ[علي 56]ــــــــ[27 - 09 - 04, 04:27 م]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين وعلى آله وصحبه أجمعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين

أما بعد:

فإن الجهاد في سبيل الله تعالى هو ذروة سنام هذا الدين كما يقول النبي صلى الله عليه وسلم

وشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله هو من الناس القلائل في التاريخ الإسلامي الذين كتب لهم شرف الاشتراك في الجهاد في كل أشكاله وأنواعه

فقد جاهد شيخ الإسلام رحمه الله نفسه هواها في ذات الله تعالى قال تعالى: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ} (69) سورة العنكبوت

وجاهد بلسانه المبطلين والمبتدعين والمنحرفين عن منهج أهل السنة والجماعة استنادا لقوله صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ «مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ وَذَلِكَ أَضْعَفُ الإِيمَانِ». أخرجه مسلم

ولقوله -صلى الله عليه وسلم- قَالَ «الدِّينُ النَّصِيحَةُ» قُلْنَا لِمَنْ قَالَ «لِلَّهِ وَلِكِتَابِهِ وَلِرَسُولِهِ وَلأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِمْ». أخرجه مسلم

وكذلك جاهد المشركين والمارقين والمنافقين استنادا لقول النَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ «جَاهِدُوا الْمُشْرِكِينَ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ وَأَلْسِنَتِكُمْ». أخرجه النسائي

وجاهد بسنانه الكفار والمنافقين قال تعالى:

{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ} (73) سورة التوبة

فقد قاتل التتار والمغول وكذلك الباطنية وقاد المعارك بنفسه كما في معركتي شقحب وكسروان

والذي دفعه إلى ذلك قول الله تعالى:

{إِنَّ اللّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللّهِ فَاسْتَبْشِرُواْ بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُم بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} (111) سورة التوبة

وطمعا بقوله صلى الله عليه وسلم

«مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ وَأَقَامَ الصَّلاَةَ وَصَامَ رَمَضَانَ كَانَ حَقًّا عَلَى اللَّهِ أَنْ يُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ جَاهَدَ فِى سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ جَلَسَ فِى أَرْضِهِ الَّتِى وُلِدَ فِيهَا». فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفَلاَ نُبَشِّرُ النَّاسَ. قَالَ «إِنَّ فِى الْجَنَّةِ مِائَةَ دَرَجَةٍ أَعَدَّهَا اللَّهُ لِلْمُجَاهِدِينَ فِى سَبِيلِ اللَّهِ مَا بَيْنَ الدَّرَجَتَيْنِ كَمَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ فَإِذَا سَأَلْتُمُ اللَّهَ فَاسْأَلُوهُ الْفِرْدَوْسَ فَإِنَّهُ أَوْسَطُ الْجَنَّةِ وَأَعْلَى الْجَنَّةِ أُرَاهُ فَوْقَهُ عَرْشُ الرَّحْمَنِ وَمِنْهُ تَفَجَّرُ أَنْهَارُ الْجَنَّةِ». أخرجه البخاري

*************

وهو من الفقهاء القلائل الذين غاصوا إلى أعماق الشريعة واستخرجوا كنوزها ودررها ومن ثم فإننا نجد لكتابته عن الجهاد ((في سبيل الله)) طعما خاصا لكونه كما قلت قد مارسه ((نظريا وعمليا)) ومن ثم فإننا نجد أنفسنا أمام مجاهد كبير وقائد فذ وإمام مجتهد

ولذا فقد أسهم إسهاما عظيما في فهم الجهاد في سبيل الله تعالى وممارسته وتطبيقه على أرض الواقع

وتظهر عزة الإسلام وشموخه في هذا الجانب بعكس الكثيرين ممن يكتب عن الجهاد في سبيل الله اليوم

فتجد تلك الكتابات الهزيلة التي تفوح منها رائحة الذل والهوان والهزيمة الداخلية والتبريرات التي ما أنزل الله بها من سلطان بالإضافة إلى كون هؤلاء لم يمارسوا الجهاد في سبيل الله بتاتا لا بلسانهم ولا بسنانهم

ولكنهم مارسوه وهم يعيشون على الفرش الأثيرة والناعمة والوظائف الكبيرة والأموال الوفيرة

ومن ثم لا تجد هؤلاء يحسنون سوى فلسفة التبرير والهزيمة وأن الإسلام هو دين السماحة والسلام استنادا لمثل قوله تعالى:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير