[مقالات وفوائد حديثية من مجلة المنار]
ـ[عبدالرحمن الفقيه]ــــــــ[06 - 10 - 04, 10:05 ص]ـ
مقالات وفتاوى حديثية من مجلة المنار
الحديث الموضوع
نشرت مجلة (الموسوعات) الغرَّاء مقالة تحت هذا العنوان لأحد الفضلاء
رأينا أن ننشرها في (المنار) إفادة للقراء وهي:
الحديث الموضوع هو: المختلق المصنوع المنسوب إلى رسول الله صلى الله
عليه وسلم زورًا وبهتانًا، وهو أشد خطرًا على الدين، وأنكى ضررًا بالمسلمين من
تعصب أهل المشرقين والمغربين؛ لأنه يصرف الملة الحنيفية عن صراطها
المستقيم، ويقذف بها في غياهب الضلالات حتى ينكر الرجل أخاه، والولد أباه،
وتطيرالأمة شعاعًا، وتتفرق بِدَادًا بَدَادًا لالتباس الفضيلة وأفول شمس الهداية،
وانشعاب الأهواء، وتباين الآراء، وأن تفرق المسلمين إلى شيعة ورافضية وبابية
ونصيرية وزيدية وخوارج ووهابية وسنوسية ودرزية ونيشرية إلخ - لهو أثر
قبيح من آثار الوضع في الدين، ولقد قام الحُفَّاظ الثقات، وكادوا يزهقون هذا الروح
الخبيث بضبطهم الحديث حفظًا وكتابة وتلقينًا، ومازوا الخبيث من الطيب، وقشعوا
سحب اللبس فتلألأ نور اليقين أحقابًا طويلة حتى ابتلي الإسلام بموت الحفاظ الذين
آخرهم جلال الدين السيوطي رحمه الله، فأطفئ المصباح من مشكاة مصر وأغلب
الشعوب الإسلامية، وعدا الباطل على الحق عدوانًا شديدًا، ولولا كتاب الله فينا
وبقية من أهل العلم صالحة، لقلت: إن الباطل خذل الحق خذلانًا لا يقوم بعده أبدًا.
ورب سائل يقول: أنى ساغ للمسلمين أن يضعوا في دينهم ما ليس منه،
فالجواب أن أسباب الوضع كثيرة منها غفلة المُحَدِّث، أو اختلاط عقله في آخر
حياته، أو التكبر عن الرجوع إلى الصواب بعد استبانة الخطأ لسهو مثلاً، ومنهم
قوم وضعوا الأحاديث لا يقصدون إلا الترغيب والترهيب ابتغاء وجه الله فيما
يزعمون، وآخرون وضعوها انتصارًا لمذهبهم، ومنهم طائفة أهمتهم أنفسهم
فاختلقوا ما شاءوا للتقرب من السلاطين والأمراء، أو لاستمالة الأغنياء إلى الإعطاء،
ومن هذا الصنف القصاص الذين انتحلوا وظيفة الوعظ والتذكير في المساجد
والمجامع، وأخذوا يهدمون من أركان هذا الدين لفلس يقتنونه، أو حطام خبيث
يلتهمونه، ولقد شاهدت منهم في المسجد الحسيني رجلاً بيده رقاع صغيرة فيها دعاء
يقول: إنه دعاء موسى، وأن من قرأه أو حمله تسقط عنه الصلوات المفروضة،
والزحام حوله شبيه بزحام الحشر، حتى لا تكاد ترى إلا عمائم وطرابيش وبرانس
وخمرًا وأيديًا ممتدة بفلوس أو دراهم، وهو في بهرة حلقتهم كأنه أبوزيد السروجي
يوزع الرقاع، ويجمع المتاع، ويخلب الأسماع، حتى كاد يبيح للمتصدقين
والمتصدقات كل ما دخل تحت الحرمة وشمله اسم النهي، هذا وقد بلغني أن بعضهم
نبه السيد التقي الورع النقي شيخ الجامع والسادات إلى إزالة هذا المنكر من مسجد
سبط الرسول، فأجاب بأن هذا تجسس، والله يقول: ? وَلاَ تَجَسَّسُوا ?
(الحجرات: 12). ولا أدري - إن صح هذا عنه - من الذي أخطأ؟ أهو أم
عمر بن الخطاب الذي كان يطرد القصاصين أمثال هؤلاء من المساجد، مع أنهم لم
يكونوا بهذه المثابة من التغرير والتضليل.
(ولنرجع إلى الوُضاع) فمنهم زنادقة قصدوا إفساد الشريعة والتلاعب بالدين
? يُرِيدُونَ أَن يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلاَّ أَن يُتِمَّ نُورَهُ ? (التوبة:
32) فعملوا على لبس الحق بالباطل، وخلط السم بالترياق وهيأت لهم الفرص
في الأزمان الغابرة مجالاً فسيحًا لهذا البهتان حتى شحنوا الأذهان وسودوا الدفاتر،
وأفعموا الكتب بمفتريات ما أنزل الله به من سلطان.
وقد سرى هذا الداء في كتب التفسير والسير والتاريخ، وتلقتها العامة عن
سلامة صدر، إما لشهرة المعزوّ إليه، أو لاستبعاد كذبه على الرسول صلى الله
عليه وسلم، فخبطوا وحادوا عن الجادة، وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعًا، فمن
تلك الكتب التي تحرم قراءتها إلا على العالم المقتدر على درء باطلها تفسير الكلبي،
وتفسير مقاتل بن سليمان، وكتاب محمد بن إسحاق في المغازي، وكتب الواقدي،
ومنها (فتوح الشام)، وكتاب (فضل العلماء) للمحدث شرف البلخي ومسائل عبد الله
بن سلام في امتحانه للنبي صلى الله عليه وسلم، وأحاديث نسطور الرومي
¥