تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

عذراء، وخططًا كانت وعثاء، فلا تكاد ترى حمَّارًا، أو حوذيًّا، أو خادمًا أو طاهيًا،

أو أكارًا أو قصارًا، أو كناسًا أو رشاشًا، إلا ويستشهد في كل شيء من أعماله

بالحديث، سواء صح معناه ولفظه، أو لم يصح، فإذا جلست في مرتاض أو نادٍ،

أو سوق أو حانوت، أو محفل عرس أو مأتم، سمعت من خلطهم وخبطهم في الدين

ما تخرج لأجله النفوس من العيون، وتمشي له القلوب في الصدور، وربما كان في

مجلسهم عالم فيسئل عن اختلافهم، فلا يجيب إلا بأظن كذا، ويمكن أن يكون كذا،

والورع يقول: لا أدري حتى أراجع الصحاح، وقد يكون الحديث مشهورًا بين كل

الطبقات وهو موضوع، فيظن أنه صحيح لشهرته، خصوصًا على ألسنة بعض

الأشياخ، فيفتي بأنه صحيح، وهنالك الطامة الكبرى.

هذا ومما يؤسف عليه أنك لو سألت عمن هو أقرب إلى درجة الحفاظ في

مصر لقالوا: رجلان أحدهما توفي قريبًا وهو المرحوم محمد بك المكاوي، والآخر

العلامة اللغوي الشهير الشيخ الشنقيطي رضي الله عنه، ولا تكاد تسمع باسم ثالث.

ولقد كنت عقدت النية على أن أجمع طائفة من الأحاديث الموضوعة التي

يستدل بها الناس الآن على عقيدة أو حكم أو فضيلة أو نهي عن رذيلة، وأقترح

على حضرة الفاضل خادم الأمة والدين صاحب (المؤيد) أن يقف بضعة أسطر من

جريدته الغرَّاء على نشر حديث أو حديثين منها كل يوم ليُمَيِّز عامة المسلمين الخبيث

من الطيب، ويبتعد حملة القرآن وخطباء المنابر ووعاظ المساجد عن رواية

الأكاذيب المضادة للشرع والعقل باسم الدين وهم لا يشعرون، فلما علمت أن السيد

السند الجليل الشيخ محمود الشنقيطي هو ابن بجدتها ونسيج وحده في هذا الموضوع،

خلعت هذا من عنقي وجعلته في عنقه لتعينه لهذا الأمر الجلل، كما أجمع عليه

الثقات، فإن كان في علماء مصر وجهابذة العصر من يحب أن يسبق إلى خدمة

الدين ونصح المسلمين، وكان بهذا الشأن أحرى - فليتفضل، فإنما الغرض إحياء

السنة وإماتة البدعة ودرء المطاعن الأجنبية بشيء ليس من ديننا، وألتمس من

المتصدر لهذا الأمر أن يجمع أولاً الأحاديث المشهورة على ألسنة العامة والخاصة

في احتجاجهم وأمرهم ونهيهم ومعاملاتهم، فإن ضررها عميم، وخطبها جسيم،

وذلك كحديث حب الوطن من الإيمان الذي لا يفهم منه بعد التأويل والتحليل إلا

الحث على تفرق (الجامعة الإسلامية) التي تنشد ضالتها الآن، فإنه يقضي بتفضيل

مسلمي مصر مثلاً على من سواهم، وأن من في الشام يفضِّل إخوته هناك على

غيرهم، وهكذا، وهو الانحلال بعينه والتفرق المنهي عنه والله يقول: ? إِنَّمَا

المُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ ? (الحجرات: 10) ولم يقيد الأخوة بمكان، ويقول: ? وَيُؤْثِرُونَ

عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ ? (الحشر: 9) وأقل ما فيه تفويت فضيلة

الإيثار، ومن ذلك (شاوروهنَّ وخالفوهنَّ) إلى غير ذلك.

ومما هو جدير بالعناية قصص المولد النبوي الذي اشتمل على كثير من الخيال

الشعري والأحاديث التي وضعها المطرون الغلاة، كحديث لولاك ما خلقت الأفلاك،

وقولهم: إن الميم من اسمه الشريف تدل على كذا، والدال على كذا، إلخ تصرفات

الخيال، ووصفهم الرسول صلى الله عليه وسلم بضروب من الغزل لا تليق إلا

بمتخذات أخذان مما يجل مقام النبوة عنه، وتنفر طبيعة الجلال منه، وكروايتهم من

المعجزات ما ليس له أصل كحديث الضب، وأن الورد من عرقه إلخ ما ينسبونه

للمناوي، ولا أظنه إلا مصطنَعًا باسم الشيخ رحمه الله ورضي عنه.

والخلاصة أنه يجب تدارك هذا الأمر الخطير وفينا حياة علمية، فعلى العلماء

المسارعة، وعلى أصحاب الجرائد القبول، ولا أظن صاحب (المؤيد) إلا مرتاحًا

لهذا الاقتراح، وعلى الله تمام النجاح.

(الناصح الأمين)

(المنار)

إن لنا كلامًا في المقالة وفي الموضوع نرجئه لأقرب فرصة تسنح.


((مجلة المنار ـ المجلد [2] الجزء [25] صـ 391 26 ربيع الثاني 1317 ـ 2 سبتمبر 1899))

ـ[عبدالرحمن الفقيه]ــــــــ[06 - 10 - 04, 10:06 ص]ـ
قسم الأحاديث الموضوعة والواهية والمنكرة

المصافحة الحبشية. استفتاء وبلاء
كتب إلينا من حضرة الفاضل الشيخ عبد السلام الرفيقي رئيس جمعية رفيق
الإسلام في مقاطعة بنجاب - الهند رسالةً مطولةً يتبعها رقيم يستلفت إلى ما في
¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير