أبي العباس أحمد الملثم أنه كان له لثام يتلثم به دائمًا، قال: واختلفوا في عمره،
فقال قوم: إنه من قوم يونس عليه السلام، وقال آخرون: إنه رأى الإمام الشافعي
وصلى خلفه، وقال قوم: إنه يعرف القاهرة وهي أخصاص، ثم ذكر عن تلميذه
عبد الرحمن القوصي أنه سأله عن عمره فقال: نحو أربعمائة سنة. توفي في حدود
الستمائة ودفن في الحسينية في القاهرة، وقال ابن حجر بعدما أطال الكلام على هذا
الحديث: (والمعمر شخص من المغاربة اختلف باسمه وهو من الكذابين)، قال
الشيخ: وقد أوردت هذا الطريق تبركًا بذكر هذه الأشياخ أي لا لأنه يوثق به ,
وصلاح الأشياخ لا يدل على صحته كما توهم في الرسالة.
والحاصل أن الذي أنكر صحابية أبي سعيد الحبشي على منبر الجامع في
كشمير مصيب في إنكاره ولكنه مخطىء في السبّ واللعن , وقد تنازعنا بإزاء هذه
الواقعة عاملان: عامل سرور لاهتمام مسلمي الهند رجالاً ونساءً بأمور الدين حتى
ما كان من قبيل رواية الحديث، وأكثر المسلمين لا يبالون اليوم إلا بالمحافظة على
التقاليد والعادات التي تلبسوا بها باسم الدين، وعامل كدر للغلوّ في الدين المذموم في
القرآن فإذا أنكر أحدنا منكرًا يغالي في الإنكار فينفر المنكر عليهم ويحملهم على
اللجاج والعناد في مقاومته ومنازعته فيضيع الحق بهذه التعصبات والتحزبات،
وهذا الخلق صار موروثًا عند المسلمين منذ قرون حيث فتح على الفقهاء والمتكلمين
باب المناظرة والجدل في المذاهب لا يبتغي أحد إلا تأييد قوله وإثبات مذهبه، وقد
شرح مفاسد مناظراتهم الإمام حجة الإسلام في كتاب العلم من الإحياء.
هذا ما تيسر لنا الآن أن نكتبه ونحن في المطبعة يطالبنا العَمَلَةُ به ورقة فورقة
لأجل جمع حروفه للطبع ونرجو من السادة العلماء المشتغلين بعلم الحديث الشريف
رواية ودراية أن يكتبوا لنا ما عندهم في هذه المسألة إجابة لرغبة إخوانهم الهنديين
والله الهادي.
ـ[عبدالرحمن الفقيه]ــــــــ[06 - 10 - 04, 10:07 ص]ـ
قسم الأحاديث الموضوعة والمنكرة
(1)
مدعو الصحبة كذبًا
كان وضع الأحاديث أوسع أبواب الفتنة في الإسلام وأفسح مجال للعائثين فيه ,
وقد فتك أعداء هذا الدين فيه بهذه الضلالة فتكًا ذريعًا , وكان لهم من التفنن فيه
غرائب وعجائب أبعدها عن الحق وأدناها إلى ظهور البهتان دعوى الصحبة كذبًا.
وأعجب من ذلك أنه لم يدع أحد شيئًا إلا ووجد من يصدقه , ولم ينعق ناعق بدعوة
إلا ووجد من يجيبه مهما كان كذب الدعوى ظاهرًا وبطلان الدعوة واضحًا.
فَنَّدْنَا في الجزء الماضي زعم من ادعى الصحبة لأبي سعيد الحبشي (1)
صاحب حديث المصافحة ونذكر ههنا بقية ممن وقفنا على أسمائهم من أهل هذه
الدعوى (2) فمنهم (رتن الهندي) قال الحافظ الذهبي: وما أدراك ما رتن شيخ
دجّال بلا ريب ظهر بعد الستمائة وادعى الصحبة وقيل: إنه مات سنة اثنتين
وثلاثين وستمائة , وقد كذب وكذبوا عليه , (3) ومنهم مكلبة بن ملكان
الخوارزمي زعم أن له صحبة وأنه غزى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعًا
وعشرين غزوةً، وكان في حدود أربعين ومائة. قال الحافظان الذهبي و ابن حجر
وغيرهما: إنه شخص كذاب أو لا وجود له. وقال الحافظ ابن كثير: (أعجوبة
من العجائب مكلبة بن ملكان أمير خوارزم بعد الثلاثمائة بقليل ادعى الصحبة ... )
إلى أن قال: ولم يرو عنه إلا المظفر بن عاصم العجلي ولست أعرفه , والغالب أنه
نكرة لا يعرف , (4) ومنهم جعفر بن نسطور ادعى أن النبي صلى الله عليه وسلم
دعا له بطول العمر وعاش 340 سنة , قال في الذيل: هو أحد الكذابين الذين
ادعوا الصحبة بعد المائتين , (5) ومنهم سرمالك ملك الهند في بلد قنوج قال: إن
له سبعمائة سنة , وزعم أن النبي صلى الله عليه وسلم أنفذ إليه حذيفة و أسامة
و صيصبا وغيرهم يدعونه إلى الإسلام فأجاب الدعوة وأسلم , قال الحافظ الذهبي:
هذا كذب واضح وزعم أيضًا أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم مرتين مرة بمكة
ومرة بالمدينة ومات سنة 333 وهو ابن 894 سنة. وهؤلاء من الأعاجم وفيهم من
لقب بالأمير والملك وأصحاب هذه الألقاب أقدر على ترويج الفتن ممن عداهم.
ولم يسلم ضلال العرب من هذه الفتنة بعدما كان للرواية والرواة ما كان لهم
من نباهة الشأن فممن ادعى الصحبة (6) منهم جبر بن الحرث قال الحافظ (ابن
¥