تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فَقُلْتُ: فَأَنَا أشهدُ أَنْ لاَ إِلهَ إِلاَّ اللهُ.

ثُمَّ قُلْتُ: إِنَّ جدَّك ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُوْلُ:

لَمَّا قَدِمَ وَفْدُ عَبْد القيسِ عَلَى رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سَأَلُوهُ عَنِ الإِيْمَانِ، فَقَالَ: (أَتَدْرُوْنَ مَا الإِيْمَانُ؟).

قَالُوا: اللهُ وَرَسُوْلُه أَعْلَمُ. (11/ 245)

قَالَ: (شَهَادَةُ أَنْ لاَ إِلهَ إِلاَّ اللهُ، وَأَنَّ مُحَمَّداً رَسُوْلُ اللهِ، وَإِقَامُ الصَّلاَةِ، وَإِيْتَاءُ الزَّكَاةِ، وَأَنَّ تُعْطُوا الخُمُسَ مِنَ المَغْنَمِ).

قَالَ أَبِي: فَقَالَ -يَعْنِي: المُعْتَصِمَ-: لَوْلاَ أَنِّي وَجَدْتُك فِي يَدِ مَنْ كَانَ قَبلِي، مَا عَرَضتُ لَكَ.

ثُمَّ قَالَ: يَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ بنَ إِسْحَاقَ، أَلَم آمُرْكَ برفعِ المِحْنَةِ؟

فَقُلْتُ: اللهُ أَكْبَرُ! إِنَّ فِي هَذَا لَفَرَجاً لِلْمُسْلِمِيْنَ.

ثُمَّ قَالَ لَهُم: نَاظِرُوهُ، وَكَلِّمُوهُ، يَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ كَلِّمْه.

فَقَالَ: مَا تَقُوْلُ فِي القُرْآنِ؟

قُلْتُ: مَا تَقُوْلُ أَنْتَ فِي عِلمِ اللهِ؟

فَسَكَتَ، فَقَالَ لِي بَعْضُهُم: أَلَيْسَ قَالَ اللهُ -تَعَالَى-: {اللهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ} [الرَّعْدُ: 16] وَالقُرْآنُ أَلَيْسَ شَيْئاً؟

فَقُلْتُ: قَالَ اللهُ: {تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ} [الأَحقَافُ: 25] فَدَمَّرتْ إِلاَّ مَا أَرَادَ اللهُ؟

فَقَالَ بَعْضُهُمْ: {مَا يَأْتِيْهِم مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ} [الأَنْبِيَاءُ: 2] أَفَيَكُوْنُ مُحدَثٌ إِلاَّ مَخْلُوْقاً؟

فَقُلْتُ: قَالَ اللهُ: {ص، وَالقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ} [ص: 1]

، فَالذِّكرُ هُوَ القُرْآنُ، وَتِلْكَ ليسَ فِيْهَا أَلفٌ وَلاَمٌ.

وَذَكرَ بَعْضُهُم حَدِيْثَ عِمْرَانَ بنِ حُصَيْنٍ: (إِنَّ اللهَ خَلَقَ الذِّكْرَ)،

فَقُلْتُ: هَذَا خَطأٌ، حَدَّثَنَا غَيْرُ وَاحِدٍ: (إِنَّ اللهَ كَتَبَ الذِّكْرَ).

وَاحتجُوا بِحَدِيْثِ ابْنِ مَسْعُوْدٍ: (مَا خَلَقَ اللهُ مِنْ جَنَّةٍ وَلاَ نَارٍ وَلاَ سَمَاءٍ وَلاَ أَرْضٍ أَعْظَمَ مِنْ آيَةِ الكُرْسِيِّ). (11/ 246)

فَقُلْتُ: إِنَّمَا وَقَعَ الخَلْقُ عَلَى الجَنَّةِ وَالنَّارِ وَالسَّمَاءِ وَالأرضِ، وَلَمْ يَقَعْ عَلَى القُرْآنِ.

فَقَالَ بَعْضُهُمْ: حَدِيْث خَبَّابٍ: (يَا هَنَتَاهُ، تَقَرَّبْ إِلَى اللهِ بِمَا اسْتَطَعْتَ، فَإِنَّكَ لَنْ تَتَقَّربَ إِلَيْهِ بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ كَلاَمِهِ).

فَقُلْتُ: هَكَذَا هُوَ.

قَالَ صَالِحٌ: وَجَعَلَ ابْنُ أَبِي دُوَادَ يَنْظُرُ إِلَى أَبِي كَالمُغْضَبِ.

قَالَ أَبِي: وَكَانَ يَتَكَلَّمُ هَذَا، فَأَرُدُّ عَلَيْهِ، وَيَتَكَلَّمُ هَذَا، فَأَرُدُّ عَلَيْهِ، فَإِذَا انْقَطَعَ الرَّجُلُ مِنْهُم، اعترضَ ابْنُ أَبِي دُوَادَ، فَيَقُوْلُ:

يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ، هُوَ -وَاللهِ- ضَالٌّ مُضِلٌّ مُبْتَدِعٌ!

فَيَقُوْلُ: كَلِّمُوهُ، نَاظِروهُ.

فَيكلِّمُنِي هَذَا، فَأردُّ عَلَيْهِ، وَيكلُّمنِي هَذَا، فَأردُّ عَلَيْهِ، فَإذَا انقطَعوا، يَقُوْلُ المُعْتَصِمُ: وَيْحَكَ يَا أَحْمَدُ! مَا تَقُوْلُ؟

فَأَقُوْلُ: يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ، أَعطُونِي شَيْئاً مِنْ كِتَابِ اللهِ أَوْ سُنَّةِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَتَّى أَقُوْلَ بِهِ.

فَيَقُوْلُ أَحْمَدُ بنُ أَبِي دُوَادَ: أَنْتَ لاَ تَقُوْلُ إِلاَّ مَا فِي الكِتَابِ أَوِ السُّنَّةِ؟

فَقُلْتُ لَهُ: تَأَوَّلتَ تَأويلاً، فَأَنْتَ أَعْلَمُ، وَمَا تَأَوَّلتُ مَا يُحبَسُ عَلَيْهِ، وَلاَ يُقَيَّدُ عَلَيْهِ. (11/ 247)

قَالَ حَنْبَلٌ: قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ: لَقَدِ احتجُّوا عَلَيَّ بِشَيْءٍ مَا يَقْوَى قَلْبِي، وَلاَ ينطَلِقُ لِسَانِي أَن أَحكِيَهُ.

أَنكرُوا الآثَارَ، وَمَا ظَنَنتُهُم عَلَى هَذَا حَتَّى سَمِعْتُه، وَجَعَلُوا يُرغُونَ، يَقُوْلُ الخَصْمُ كَذَا وَكَذَا، فَاحتججتُ عَلَيْهِم بِالقُرْآنِ بِقَولِه: {يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لاَ يَسْمَعُ وَلاَ يُبْصِرُ} [مَرْيَمُ: 42]، أَفَهَذَا مُنكَرٌ عِندكُم؟

فَقَالُوا: شَبَّهَ، يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ، شَبَّهَ.

قَالَ مُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ البُوْشَنْجِيُّ: حَدَّثَنِي بَعْضُ أَصْحَابِنَا:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير