ولا يقطعون على أحد من أهل الملة أنه من أهل الجنة أو من أهل النار، لأن علم ذلك يغيب عنهم، لا يدرون على ماذا الموت؟ أعلى الإسلام؟ أم على الكفر؟ ولكن يقولون إن من مات على الإسلام مجتنبا للكبائر والأهواء والآثام، فهو من أهل الجنة، لقوله تعالى: {إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات} ولم يذكر عنهم ذنبا {أولئك خير البرية جزاؤهم عند ربهم جنات عدن} ومن شهد له النبي صلى الله عليه وسلم بعينه وصح له ذلك عنه، فإنهم يشهدون له بذلك، اتباعا لرسول الله صلى الله عليه وسلم وتصديقا لقوله.
[عذاب القبر]
ويقولون إن عذاب القبر حق، يعذب الله من استحقه إن شاء، وإن شاء عفى عنه، لقوله تعالى: {النار يعرضون عليها غدواّ وعشياّ ويوم تقوم الساعة أدخلوا آل فرعون أشد العذاب} فأثبت لهم ما بقيت الدنيا عذابا بالغدو والعشي دون ما بينهما، حتى إذا قامت القيامة عذبوا أشد العذاب، بلا تخفيف عنهم كما كان في الدنيا، وقال: {ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكاَ} يعني قبل فناء الدنيا، لقوله بعد ذلك: {ونحشره يوم القيامة أعمى} بين أن المعيشة الضنك قبل يوم القيامة، وفي معاينتنا اليهود والنصارى والمشركين في العيش الرغد والرفاهية في المعيشة ما يعلم به انه لم يرد به ضيق الرزق في الحياة الدنيا لوجود مشركين في سعة من أرزاقهم، وإنما أراد به بعد الموت، قبل الحشر.
[سؤال منكر ونكير]
ويؤمنون بمسألة منكر ونكير على ما ثبت به الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، مع قول الله تعالى: {يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة ويضل الله الظالمين ويفعل الله ما يشاء} وما ورد تفسيره عن النبي (13).
[ترك الخصومات والمراء في الدين]
ويرون ترك الخصومات والمراء في القرآن وغيره، لقول الله عز وجل: {وما يجادل في آيات الله إلا الذين كفروا} يعني يجادل فيها تكذيبا بها والله اعلم.
[خلافة الخلفاء الراشدين]
ويثبتون خلافة أبي بكر رضي الله عنه بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، باختيار الصحابة إياه، ثم خلافة عمر بعد أبي بكر رضي الله عنه باستخلاف أبي بكر إياه، ثم خلافة عثمان رضي الله عنه باجتماع أهل الشورى وسائر المسلمين عليه عن أمر عمر، ثم خلافة علي بن أبي طالب رضي الله عنه عن بيعة من بايع من البدريين عمّار بن ياسر، وسهل بن حنيف، ومن تبعهما من سائر الصحابة مع سابقه وفضله.
[المفاضلة بين الصحابة]
ويقولون بتفضيل الصحابة رضي الله عنهم، لقوله: {لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة} وقوله: {والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم}.
ومن أثبت الله رضاه عنه لم يكن منهم بعد ذلك ما يوجب سخط الله عز وجل، ولم يوجب ذلك للتابعين إلا بشرط الإحسان، فمن كان من التابعين من بعدهم يتنقصهم لم يأت بالإحسان، فلا مدخل له في ذلك.
[قولهم فيمن يبغض الصحابة]
ومن غاظه مكانهم من الله فهو مخوف عليه ما لا شيء أعظم منه، لقوله عز وجل: {محمد رسول الله والذين معه} إلى قوله {ومثلهم في الإنجيل كزرع أخرج شطأه فآزره فاستغلظ فاستوى على سوقه يعجب الزراع ليغيظ بهم الكفار} فأخبر أنه جعلهم غيظا للكافرين.
وقالوا بخلافتهم، لقول الله عز وجل: {وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات} فخاطب بقوله {منكم} من ولد الآن وهو مع النبي صلى الله عليه وسلم على دينه، فقال بعد ذلك: {وليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا يعبدونني لا يشركون بي شيئا} فمكن الله بأبي بكر وعمر وعثمان الدين، وعد الله آمنين يغزون ولا يغزون، ويخيفون العدو ولا يخيفهم العدو.
¥