تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وقد استمرت حركة النهضة العلمية في نجد، ونسخ الكتب واقتناؤها، حتى سقوط الدرعية في سنة 1233ه - 1818م على يد إبراهيم باشا. فقد كان من نتيجة ذلك الحدث توقف النشاط العلمي ولو لفترة قصيرة، والقضاء على كثير من الانجارات العلمية التي حفلت بها الفترة السابقة. كما نتج عن سقوط الدرعية، تدمير ما كان موجوداً من خزانات الكتب، وانتقال نسخ كثيرة من المخطوطات إلى خارج حدود نجد، أو فقدانها، أو تلفها.

وتحاول هذه الدراسة الأولية الإجابة عن مصير هذه المخطوطات، وذلك بتتبع مصير بعضها، وما آلت إليه، وذلك عن طريق البحث في المصادر ذات العلاقة وخصوصاً الوثائق المتوافرة، وكذلك متابعة ما هو موجود منها داخل حدود المملكة أو خارجها، وسوف نعرض فيما يأتي العوامل التي كانت لها علاقة مباشرة بانتقال الكتب والمخطوطات خارج نجد، وهي:

أولاً: الحملات العسكرية العثمانية ودورها في فقدان المخطوطات النجدية

كلف كل من السلطان سليم الثالث (1203 - 1222ه - 1789 - 1807م) وبعده السلطان مصطفى الرابع (1222 - 1223ه - 1807 - 1808م) وبعدهما السلطان محمود الثاني (1223 - 1255ه - 1808 - 1829م) والي الدولة العثمانية على مصر محمد علي باشا (1220 - 1264ه - 1805 - 1828م) بمحاربة الدولة السعودية الأولى، واستجابة لتلك الأوامر أرسل حملة عسكرية بقيادة ابنه أحمد طوسون باشا إلى الحجاز، ونظراً لعدم استطاعة ابنه استعاد الحجاز بالكامل فقد حضر هو بنفسه إلى الحجاز لدعم الحملة، وتحقيق أهدافها في القضاء على الدولة السعودية. وفي عام 1231ه / 1816م أوكل مهمة الحملة إلى ابنه الأكبر إبراهيم باشا، الذي استطاع أن ينجز هذه المهمة بنجاح.

وكانت الآثار المباشرة على المناطق التي مرت بها هذه الحملة، وما صاحبها من نهب وتدمير لجميع الممتلكات، كالمنازل والقصور، والأمتعة، والكتب، والزروع والحيوانات. وكان أشد ما وقع من جيش الحملة من تدمير، ما حصل في الدرعية وضرما وثرمداء وشقراء وبلدان القصيم والخرج وغيرها من المدن، ورغم أن إبراهيم باشا قد عاهد الإمام عبدالله بن سعود بالمحافظة على سلامة الدرعية، إلا أنه لم يف بوعده وهدمها في شعبان من عام 1234ه - يونيو 1719م بناء على أوامر وصلته من والده بعد الاستئذان من السلطان في ذلك، وعلى الرغم من أن المصادر لا تذكر ما جرى للمخطوطات، إلا أن ما يجري عادة أثناء تلك الحرب من الهدم والتدمير والحرائق والنهب قد طال بعض المخطوطات لكونها محفوظة في الأغلب في المنازل. وهذا ما أشار إليه ابن بشر عندما تحدث عن إرسال السلطات العثمانية بعد سقوط الدرعية حملات عدة من أجل فرض سلطتها وسيطرتها على المنطقة، وكان منها حملة حسين بك، التي دمرت بلدة حريملاء، وأحرقت بعض الكتب في مكتبة الشيخ عبدالعزيز بن سيمان بن عبدالوهاب وصادرت بعضها الآخر.

ثانياً: نقل القوات العثمانية

المخطوطات النجدية إلى خارج نجد

جمعت هذه القوات كل ما توافر تحت يدها من الغنائم والأمتعة والأثاث، ويعنينا هنا المخطوطات النجدية، التي نقلتها هذه القوات إلى خارج نجد حرصاً منها على تحقيق هدفين هما:

أ - حجب مصدر التلقي الرئيس للعلم المتمثل في تلك المخطوطات، لما تمثله من رافد مهم للعلماء وطلبة العلم، مما أدى إلى حرص تلك القوات على جمعها بعد قضائها على بعض علماء نجد بالقتل أو الترحيل إلى مصر.

ب - سعيهم للإفادة من هذه الكتب لمعرفة ما قد يكون موجوداً فيها من محفوظات الحجرة النبوية الشريفة. ففي عام 1222ه - 1807م استفتى الإمام سعود بن عبدالعزيز علماء المدينة المنورة من الأحناف والمالكية والشافية والحنابلة في استخراج الأموال المودعة في الحجرة الشريفة لصرفها على أهل المدينة المنورة ومصالح الحرم، بسبب توقف بعث الصرة السلطانية إلى الحجاز، وشدة الحاجة والضرورة إلى الاستفادة من هذه الأموال وإنفاقها في مصالح المسلمين، لذلك قرر الإمام سعود فتح الحجرة النبوية الشريفة، وإخراج ما فيها، وكانت تضم تحفاً ومجوهرات ومصاحف وكتباً، مثل: كتاب «دلائل الخيرات»، وقد قام الإمام بتوزيع بعض المجوهرات والتحف وبيعها من أجل إنهاء الأزمة الاقتصادية في المدينة المنورة، كما أنه وهب جزءاً منها للشريف غالب بن مساعد الذي باعها عن طريق صهره محمد العطاس في الهند.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير