تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

أخي " عبد الحكيم طويلب" يقول المفكر " أنور الجندي":" وكان البشير إلى ذلك خطيبا مفوها وشاعرا له ديوان غير مطبوع وله ملحمة بلغت عشرات الألوف من الأبيات، منها أكثر من خمسة آلاف بيت عن الإسلام وتاريخه، وقد استمعنا إليه مرات في القاهرة وهو يردد أجزاء منها، وقد ضمنها قصصا ومواقف وأحداثا ترتبط بتاريخ الجزائر الحديث ومقاومة الإستعمار وخصومه أعداء العربية، ومنها قوله:

نغار عن أحسابنا أن تمتهن ** والحر عن مجد الجدود مؤتمن

ولغة العرب لسان ممتحن ** إن لم يذد أبناؤه عنه فمن؟

ومن نظمه عن أثر الإسلام في العرب:

عوضتهم عن الخسار الربحا ** فأبصروا بعد الظلام الصبحا

علمتهم كرامة الإنسان ** وجئتهم بالعدل والإحسان

وهكذا ... وكان له أسلوب من الرمز يقصد إليه إذا ضيق عليه الخناق فلم يستطع أن يرسل آراؤه حرة، وقد أطلق عليه " سجع الكهان" بقوله أيام الأزمات ليفوته على الرقيب ومن ذلك قوله:

" نحن الكهان، أفراس رهان، منا السابق المصلي، ومنا الآبق المولي، كنا أرهاصا للنبوة ودليلا ـ يقصد فرنسا ـ آن لنا أن نعود إلى الإنذار، ونصرخ في وجوههم، حذار حذار، إن بطش الله لشديد، وأن الحديد يقل بالحديد .. "

وأريد أن أضيف أن للإبراهيمي أرجوزة هزلية سماها" رواية الثلاثة" وقد رأيتها في الجزء الأول من آثاره التي طبعتها الشركة الوطنية للنشر والتوزيع الجزائر الطبعة الأولى صفحة 281 وأعجبتني، خاصة تلك القطعة التي تتحدث عن الرؤساء وما عليهم يقول فيها:

أعطوا الرئاسة حقَّها ** أعطوا الرئاسة حقَّها

إن العقوق مزلة ** تعس امرؤ قد عقَّها

الحر يعلي شأنها ** والغِرُّ يبغي محقها

إن الرؤوس رئيسة ** لم تعدُ فينا أفقها

الله أحسن صوغها **وأجلها وأدقها

أو ما تراها أشرقت ** لا شيء يعلو فوقها

ما القول فيمن حطها ** ما القول فيمن دقها؟؟

أو هدها أو قطها ** أو شجها أو شقها

حق على الرؤساء أن ** يعطوا الجماعة شقها

هم معشر لا يملكون ** من الجماعة رقها

وعليهم أن يحسنوا ** تصريفها أو سوقها

وعليهم أن يحملوا ** ما قد تجاوز طوقها

وعليهم أن يجنبوا ** ما لا يلائم ذوقها

وعليهم أن يرهبوا ** ربا تولاى خلقها

وعليهم أن يفلقوا ** رأسا يحاول فلقها

وعليهم أن يسحقوا ** خلقا يسبب سحقها

وعليهم أن يقتلوا ** برغوثها أو بقها

وعليهمأن يحفظوا ** أبدا عليها رزقها

وعليهم أن يجرعوا ** محض الحياة ومذقها

وعليهم أن يتبعوا ** يسر الأمور ورفقها

وعليهم أن يجمعوا ** بعصا الكياسة فرقها

وعلى الجماعة أن تفي ** لهم وتعطي صفقها

تعنوا لهم وتمد في ** الطاعات دأبا عنقها

إن كنت كبش كتيبة ** فاغش الكتيبة والقها

فالخيل في الهبوات تعـ **ـرف هجنها أو عتقها

إن البروق كواذب ** والغيث يظهر صدقها

والسحب لا تحي الثرى ** ما لم تتابع ودقها

إن الفخار معارج ** من يخشها لا يرقها

والنخلة القرواح لا ** تجني التنابل عذقها

إن الفضيلة خمرة ** فأت المحامد تسقها

هي خمرة الأرواح لا ** أعني المدام وزقها

إن العوالم أفصحت ** ووعى الغيالم نطقها

المجد حصة من سعى ** بالجد ينفض طرقها

خاض الصواعق لم يهب ** في جو جربة صعقها

ومن الذوابل سمرها ** ومن الأسنة زرقها

يلقى الخطوب عوابسا ** بشَّ الأَسِرَّة طلقها

أسرار ربك بعضها ** عقل تولى خرقها

العلم يسر فتحها ** والجهل عسر غلقها

إن شئت تفقه سرها ** فاقرا الحوادث وافقها

لا تستجيب لقاعد ** فالق المكارم تلقها

والأرض لا تعطي الغنى ** إن لم تجوِّد عزقها

إن الحياة موارد ** للحق صابت غدقها

فالذِّمر يشرب صفوها ** والغمر يشرب رنقها

إن الليالي لجة ** والكل يحذر غرقها

تزجي إلى كرمائها ** دهم الخطوب وبلقها

ذو اللب يلبس لليالي ** كيسها أو حمقها

خير الرجال السابقين ** فتىً يجاري شبقها

نَسَقَ الأمور قلائدا ** غراُّ فأحسن نسقها

وَسَقَ العظائم محملا ** خفا فأجمل وسقها

ما هاب في غمراتها ** رعد الخطوب وبرقها

شر الخلائق أمة ** علم المهيمن فسقها

فأذلها وأقلها ** عدًّا وقتَّر رزقها

ضاعت وإن كثر الحصا ** أمم أضاعت خلقها

أو ما ترى أن قد علا ** غرب الممالك شرقها

إن الأكارم عصبة ** نمت المكارم عرقها

في الجاهلية قُسُّهَا ** أوفى فعفَّى شَقَّها

ثم انبرى الاسلام يرتُقُ ** بالفضيلة فتقها

النور منبعث السنا ** يهدي العوالم (رشدها)

والعلم يقتاد الحجى ** للحق يذكي سوقها

حذقت فنون العلم والتاريخُ ** سجل حِذْقَهَا

خفقت بنودهم على ** كل الممالك خفقها

سل (طارقا) وسلِ المدائن ** إذ تولى طَرْقَها

وإلى الفتوح جلائلا ** غرا ومهد طُرْقَها

سل بالمشارق عنهم ** بغدانها ودمشقها

مهد المعارف منهما ** نشق الأعاجم نشقها

عبقت بِرَيَّاها المشارق ** والمغارب عبقها

حتى انبرى التفريق يفتق ** بالرذيلة رتقها

رشقتهم نبل العدا ** والدهر سدد رشقها

مَشَقَ السيوف لحربهم ** جهرا وواصل مشقها

يا ساخرا بي كلما ** سمع الحقيقة قهقها

الخير ما بينته ** والشر أن لا تفقها

*************

والحمد لله على توفيقه

هذا آخر ما أردت سوقه وأرجو أن أكون قد اطربت بعض الإخوة بهذه القصيدة الفائقة الروعة.

والسلام عليكم

تحياتي

الطيب العقبي

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير