تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[تعاون الدعاة وأثرة في المجتمع للشيخ بن عثيمين رحمه الله]

ـ[أبو عبد الرحمن الشهري]ــــــــ[28 - 10 - 04, 02:47 م]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم

قال الشيخ بن عثيمين رحمه الله في كتابه تعاون الدعاة وأثرة في المجتمع

من آداب الدعاة

ومن آداب الدُّعاة التي يجب أن يكونوا عليها هو تعاونهم، تعاونهم فيما بينهم، لا يكن همّ الواحد منهم أن يقبل قوله ويُقدم على غيره، بل يكن همّ الداعية أن تُقبل الدعوة، سواء صدرت منه أو صدرت من غيره، ما دُمتَ تريد أن تعلو كلمة الله، فلا يهمنك أن تكون من قِبَلكِ أو من قِبَلِ غيرك، صحيح أن الإنسان يحب أن يكون الخير على يده، لكن لا يكره أن يكون الخير على يد غيره، بل يجب أن يحب أن تعلو كلمة الله، سواء على يده أو يد غيره، وإذا بنى اتجاهه على هذا؛ فسوف يعاون غيره في الدعوة إلى الله، وإن تقدَّم قَبُول الناس لغيره على قبولهم إياه.

الواجب على الدعاة أن يكونوا يدًا واحدة، يتساعدون، ويتعاونون، ويتشاورون فيما بينهم، وينطلقون انطلاقًا واحدًا، ويقومون لله مثنى وثلاث ورباع {قُلْ إِنَّمَآ أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ أَن تَقُومُواْ لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى ثُمَّ تَتَفَكَّرُواْ مَا بِصَاحِبِكُمْ مِّن جِنَّةٍ إِنْ هُوَ إِلاَّ نَذِيرٌ لَّكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ} [سبأ: 46].

وإذا كنَّا نرى أن دعاة الشرّ والسوء يجتمعون ويتحدون ويخططون، فلماذا لا يعمل الدعاة هذا العمل، حتى يرشد بعضهم بعضًا فيما يخطئ فيه الآخر من علم أو وسيلة دعوة أو ما أشبهه ذلك؟! ونحن إذا نظرنا إلى نصوص الكتاب والسنة؛ وجدنا أنَّ الله ـ تعالى ـ وصف المؤمنين بأوصاف تدل على أنهم متحدون متعاونون، قال الله ـ تعالى ـ: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَآءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [التوبة: 71].

وقال ـ تعالى ـ: {وَلْتَكُن مِّنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ * وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ تَفَرَّقُواْ وَاخْتَلَفُواْ مِن بَعْدِ مَا جَآءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [آل عمران: 104، 105].

إنَّ الشيطان يلقي في قلب الداعية شيئًا من كراهة داعية مثله إذا نجح في دعوته، لا يحب أن يكون مثله في نجاح الدعوة، بل يكره أن يتقدم هذا في النجاح، وقبول الناس له، ولهذا قال شيخ الإسلام ـ رحمه الله ـ في تفسير الحسد: إنَّ الحسد أن تكره نعمة الله على غيرك، وإن كان معروفًا عند العلماء أن الحسد تمني زوال النعمة عن الغير، بل نقول: الحسد كراهة نعمة الله تعالى على غيرك، سواء تمنيت زوالها أم لم تتمنَ، فأنت أيها الإنسان يجب عليك أن تعاون أخاك الداعية في دعوته، حتى وإن تقدم عليك ونجح في دعوته، ما دمت تريد أن تكون كلمة الله هي العُليا، واعلموا أيها الإخوة أن دُعاة السوء والشر يحبون أن يتفرق دُعاة الخير؛ لأنهم يعلمون أن اتحادهم وتعاونهم سبب لنجاحهم، وأن تفرقهم سبب لفشلهم، قال الله ـ تعالى ـ: {وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُواْ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ} [الأنفال: 46].

ولا ريب أن كل واحدٍ منا معرّض للخطأ، فإذا رأينا من أحدنا خطأً؛ فلنتعاون على إزالة هذا الخطأ بالاتصال به، وبيان هذا الخطأ، وقد يكون الخطأ خطأً في ظننا، ولكنه في الواقع ليس بخطأ، فيبين لنا هذا خطأنا في ظننا أنه خطأ، أما أن نأخذ من خطئه سببًا للقدح فيه، والتنفير عنه، فإن هذا ليس من سمات المؤمنين، فضلاً عن كونه من سمات الدعاة إلى الله عزَّ وجلَّ، ولا أحد يشك أننا في هذه السنوات القريبة بدأ الشباب ـ ولله الحمد ـ ينطلق منطلقًا سليمًا للدعوة إلى الله عزَّ وجلَّ، ولكن حصل فيه شيءٌ من الخطأ، في أنَّ بعض الشباب الآن صار ينطلق من منطلق وحده، ولا يبالي برأي غيره، بل هو معجبٌ بما عنده من العلم والفكر، وإن كان على جانب كبير من الجهل بعلمه، والخطأ في فكره، فتجده يحتقر غيره، ولا ينصاع لما معه من الحق،

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير