تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[علماء معاصرون الشيخ محمد الخضر حسين]

ـ[عبدالله بن خميس]ــــــــ[08 - 11 - 04, 07:13 ص]ـ

علماء معاصرون

الشيخ محمد الخضر حسين

(1293 - 1373) هـ

الكاتب

أحمد عبد العزيز أبو عامر

يحفل تاريخنا الإسلامي في القديم والحديث بنماذج مشرفة للعلماء الذين

ضربوا المثل الأعلى في الفضل والعلم والجهاد، وكثير من هؤلاء مغمورون،

وقليل من الناس من يعرفهم.

وسأحاول في هذه المقالة عرض حياة علم من هؤلاء العلماء الأعلام، وسترى

فيه أخي القارئ، نموذجاً للصبر على العلم والتحصيل والتبليغ والجهاد والمواقف

الجريئة. فما أحوجنا لأمثاله من العلماء العاملين الذين هم بحق ورثة الأنبياء.

هو: محمد الخضر حسين الذي ينتسب إلى أسرة عريقة في العلم والشرف،

حيث تعود أسرته إلى البيت العمري في بلدة (طولقة) جنوب الجزائر، وقد رحل

والده إلى (نفطة) من بلاد الجريد بتونس بصحبة صهره (مصطفى بن عزوز) حينما

دخل الاستعمار الفرنسي الجزائر، ومما يدل على عراقة أسرته في العلم أن منها

جده (مصطفى بن عزوز) وأبو جده لأمه (محمد بن عزوز)، من أفاضل علماء

تونس، وخاله (محمد المكي) من كبار العلماء وكان موضع الإجلال في الخلافة

العثمانية.

وسنتتبع حياة عالمنا في مراحل ثلاث:

الأولى: في تونس: حيث ولد الشيخ بنفطة عام 1293، وعلى أرضها درج

ونشأ، وهو - كأي عالم مسلم - تبدأ حياته في أجواء البيت المسلم، والأسرة

المسلمة، ثم أخذ العلم في نفطة وكان لا يتعدى مبادئ علوم الدين ووسائلها، وقد

ذكر أن والدته قد لقنته مع إخوانه (الكفراوي) في النحو و (السفطي) في الفقه

المالكي، وفي عام 1306 انتقل مع أسرته إلى العاصمة، فتعلم بالابتدائي، وحفظ

القرآن مما خوله الانتظام بجامع الزيتونة فجد واجتهد وثابر على مواصلة العلم،

حتى صار مثار إعجاب أساتذته وعارفيه، حيث درس على أستاذه (سالم أبو

حاجب) صحيح البخاري، وعنه أخذ ميوله الإصلاحية وأخذ التفسير عن أستاذيه

(عمر بن الشيخ) و (محمد النجار)، وفي عام 1316 نال شهادة (التطويع) التي

تخول حاملها إلقاء الدروس في الزيتونة تطوعاً وكانت هذه الطريقة درباً للظفر

بالمناصب العلمية وميداناً للخبرة والتدريب على مهنة التعليم، فعظمت مكانته في

نفوس زملائه، وذاع صيته في البلاد حتى صار من قادة الفكر وذوي النفوذ،

وأعجب به طلبة الزيتونة وكانت الحركة الفكرية هناك في حاجة لإبراز نشرة

دورية تنطق بلسانها، ولم يكن يوجد آنذاك بتونس سوى الصحف. فقام بإنشاء

مجلته (السعادة العظمى) فنالت إعجاب العلماء والأدباء وساء بعضهم صدورها لما

اتسمت به من نزعة الحرية في النقد واحترام التفكير السليم، ولتأييدها فتح باب

الاجتهاد حيث قال الشيخ عنه في مقدمة العدد الأول:

( .. إن دعوى أن باب الاجتهاد قد أغلق دعوى لا تسمع إلا إذا أيدها دليل

يوازن في قوته الدليل الذي فتح به باب الاجتهاد).

وكان منهج المجلة كما جاء في المقدمة أيضاً يتمثل في:

1 - افتتاحية لكل عدد تحث على المحافظة على مجدنا وتاريخنا.

2 - تعرض لعيون المباحث العلمية.

3 - ما يكون مرقاة لصناعة الشعر والنثر.

4 - الأخلاق كيف تنحرف وبم تستقيم.

5 - الأسئلة والمقترحات.

6 - الخاتمة ومسائل شتى.

وهكذا صدرت هذه المجلة فملأت فراغاً كبيراً في ميدان الثقافة

الإسلامية وتسابق العلماء والكتاب للمشاركة فيها حتى أغلقها المستعمر الفرنسي

حينما تعرض لهجومها عام 1322 هـ أي بعد مضي عام واحد فقط على صدورها،

فاتجهت إلى الشيخ الجمعيات الرسمية وغيرها للاشتراك في أعمالها، ثم تولى قضاء

(بنزرت) عام 1323 مع الخطابة والتدريس بجامعها، وحدثت اشتباكات بين

المواطنين المستعمر، فتطور الأمر، وأعلنت الأحكام العرفية وعطلت الصحف،

وسجن أو نفي معظم ذوي الشأن من القادة والمفكرين فأصبحت كل حركة تبدو من

الطلاب محمولة عليه. فنظر إليه المسؤولون شذراً، خصوصاً بعد إضراب

الطلاب عن التعليم. وفي هذا الجو المكهرب والمحبوك بالمؤامرات دفع به الضيق

إلى طلب حياته الفكرية والعملية في خارج تونس، خصوصاً وأنه من أنصار

(الجامعة الإسلامية) الذين يؤمنون بخدمة الإسلام خدمة لا تضيق بها حدود

الأوطان.

فقام بعدة سفرات متوالية بادئاً بالجزائر عام 1327 لإلقاء المحاضرات

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير