[علماء معاصرون المحدث الكبير محمد أنور شاه الكشميري]
ـ[عبدالله بن خميس]ــــــــ[08 - 11 - 04, 07:16 ص]ـ
[علماء معاصرون المحدث الكبير محمد أنور شاه الكشميري]
الكاتب
تاج الدين الأزهري
ولادته ونشأته:
هو الفقيه المجتهد محمد أنور بن معظم شاه، ولد بكشمير سنة 1292هـ وقد
تربى على والديه تربية مثالية، ولذلك كان معروفًا بالتقوى وغض البصر واحترام
الأساتذة، كان يقول الشيخ مولانا القاري محمد طيب رحمه الله: كنا نتعلم السنن
النبوية من سيرة الشيخ أنور وكأن الأخلاق النبوية تجسدت في صورته [1].
ودرس على والده الشيخ غلام رسول الهزاروي كتبًا في الفقه وأصوله ولما
بلغ السابعة عشرة من عمره سافر إلى ديوبند، والتحق بدار العلوم هناك وتخرج
منها سنة 1313هـ، وقد حصل على إجازة درس الحديث من شيخ السنة مولانا
رشيد أحمد الكنكوهي وشيخ الهند مولانا محمود الحسن رحمه الله، ويصل سنده إلى
الإمام الترمذي والشيخ ابن عابدين الحنفي.
قوة حافظته وطريقته في المطالعة:
كان الشيخ رحمه الله شديد الاستحضار قوي الحافظة، شغوفًا بالمطالعة، وقد
انتهى من مطالعة (عمدة القاري شرح صحيح البخاري) للحافظ العيني في شهر
رمضان المبارك وأراد بذلك أن يستعد لدراسة صحيح البخاري في العام الدراسي
المقبل الذي كان يبدأ في شهر شوال، وقد استوعب (فتح الباري شرح صحيح
البخاري) للحافظ ابن حجر مطالعة أثناء قراءته صحيح البخاري على شيخه مولانا
محمود الحسن رحمه الله [2].
وكانت طريقته في المطالعة أنه إذا وقع في يده أي كتاب علمي مطبوعًا كان
أو مخطوطًا أن يأخذه ويطالعه من غير أن يترك شيئا منه، وهو أول عالم بين
علماء الهند طالع مسند الإمام أحمد بن حنبل المطبوع بمصر، فكان يطالع منه كل
يوم مائتي صفحة مع نقد أحاديثه وضبط أحكامه [3].
مكانته العلمية:
كان الشيخ رحمه الله إمامًا في علوم القرآن والحديث، وحافظًا واعيًا لمذاهب
الأئمة مع إدراك الاختلاف بينهما، وقادرًا على اختيار ما يراه صوابًا، ولم يقتصر
في مطالعته على كتب علماء مدرسة بعينها - مع أنه كان حنفيًا - وإنما قرأ لعلماء
مدارس مختلفة لهم انتقادات شديدة فيما بينهم، مثل الحافظ ابن تيمية والحافظ ابن
القيم وابن دقيق العيد والحافظ ابن حجر رحمهم الله، وقد أحاط بكتب أهل الكتاب
من أسفار العهد الجديد والقديم، وطالع بالعبرية وجمع مئة بشارة من التوراة تتعلق
برسالة نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم-[4].
رحلاته العلمية:
سافر الشيخ رحمه الله بعد تخرجه إلى عدة مدارس، ودرس هناك عدة أعوام،
وقد التقى في فرصة زيارة الحرمين الشريفين بعدد من رجال العلم، منهم الشيخ
حسين الجسر الطرابلسي عالم الخلافة العثمانية صاحب الرسالة الحميدية والحصون
الحميدية [5].
وبدأ بالتدريس في دار العلوم في ديوبند بعد عدة أعوام من رجوعه من
الحرمين الشريفين، وظل مدرسًا بها حتى عام 1345 هـ، ثم رحل إلى (داهبيل)
في مقاطعة (كجرات)، وأسس بها معهدًا كبيرًا يسمى (بالجامعة الإسلامية)
وإدارة تأليف تسمى (بالمجلس العلمي).
آراء معاصريه من العلماء فيه:
وقد أثنى عليه العلماء المعاصرون، ولثناء المعاصر على المعاصر قيمة
كبيرة. فقد قال الشيخ سليمان الندوي رحمه الله: هو البحر المحيط الذي ظاهره
هادئ ساكن وباطنه مملوء من اللآلئ الفاخرة الثمينة [6].
وقال المحدث علي الحنبلي المصري رحمه الله: ما رأيت عالمًا مثل الشيخ
أنور الذي يستطيع أن ينقد على نظريات الحافظ ابن تيمية والحافظ ابن حجر وابن
حزم والشوكاني رحمهم الله، ويحاكم بينهم ويؤدي حق البحث والتحقيق مع رعاية
جلالة قدرهم [7].
جهوده في الرد على القاديانية:
قد ظهرت في العالم فتن كثيرة، وقد عمل العلماء ضدها بجهد كبير، ومن
الفتن الكبرى التي وقعت في هذه البلاد (الهند) بوحي من أعداء الإسلام وتأييد منهم
(نشأة الفتنة القاديانية) وقد تصدى العلماء لهذه الفتنة الملعونة، وواجهوها وجدوا
في القضاء عليها في جميع البلاد.
وكانت جهود الشيخ أنور رحمه الله في مواجهتهم أكثر من جهود العلماء
المعاصرين لأنه لم يكن يدخر جهدًا ولا يهدأ له بال ولا يرتاح له فكر في ليل أو
نهار، وكان يفكر دائماً في إيجاد الطرق الكفيلة للقضاء على هذه الطائفة فأيقظ
¥