تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[تحميل كتاب ((تصنيف الناس بين الظن واليقين))]

ـ[أبو محمد الألفى]ــــــــ[13 - 11 - 04, 10:32 ص]ـ

الحمد لله الآمر بمكارم الأخلاق والآداب. والصلاة والسلام على النبى المجتبى والآل والأصحاب. وبعد ..

من أبشع وأخبث مسالك الدعوة فى الآونة المتأخرة: الوقيعة فى الدعاة من أهل السنة، وعلماء الأمة، والتشهير بهم، والتنكيل بمقاصدهم وغاياتهم. ولو كان فاعل ذلك من أعداء المسلمين من العلمانيين والملحدين، لهان الخطب؛ ولكنه ممن ينسب إلى علمٍ وديانةٍ وزهادةٍ، وممن يزعم أنه على منهج السلف وهدى أئمته ودعاته، ويتلفع بمرط أسود ملطخ بدماء ضحاياه من علماء الأمة ودعاتها، ناصبٌ نفسه ومرهقُها فى قذف الدعاة بالتهم الفاجرة، المبنية على الحجج الواهية، مجتهد فى سفاسف الآراء وضلالات التأليف.

لقد تغلغل هذا المسلك فى النفوس تغلغلاً لطيفاً، فاستعبد بضراوةٍ نفوساً كباراً، وزيَّن لها سوءَ عملها، فرأته لمكره واحتياله حسناً، فأراها ((تصنيف الناس)) من أصول الدين ومعاقده وأركانه، وأورثها ((التشكيك وعدم الثقة))، وجعل ديدنها ودينها الذى تعتقده ((تجريح الناس وغمزهم ولمزهم)).

ولقد سار فى هذا المسرب الخفى المأخذ، فئام من الدعاة غلاظ القلوب، كأنهم الحجارة أو أشد قسوةً، فألقوا جلباب الحياء، وأمطروا علماء الأمة ودعاتها؛ بسيل عرم من التجريح والتشويه، والتعيير والتجهيل، والتفسيق والتبديع، وفى بعض الأحايين التكفير المعلن والخفى، ولم يكتفوا بهذا، بل جعلوه منهجاً ذا أصول وقواعد، ودعوا إليه، وأسموه ((منهج أهل السنة فى نقد الرجال والكتب والطوائف))، وشغلوا به أغرارا التبس عليهم الأمر فضلوا وأضلوا، فلبس الجميع أثواب الجرح والتعديل، وتدثروا بشهوة التجريح، ونسج الأحاديث، والتعلق بخيوط الأوهام، وركبوا متون التصنيف للآخرين؛ للتشهير، والتنفير، والصد عن سواء السبيل. ومما زاد فى البلاء، أنهم قد دربوا أتباعهم ممن لا علم لهم، من الجفاة، وحدثاء الأسنان، والمقلدة أتباع كل ناعق، دربوهم على احتقار العلماء وازدرائهم، والاستخفاف بهم وبعلومهم، والوقيعة بهم، وإثارة الشحناء والبغضاء بينهم. . وفى هذا كما قال الشيخ العلامة بكر أبو زيد ((هضم حقوق المسلمين في دينهم، وعرضهم، وتحجيم لانتشار الدعوة بينهم، بل صناعة توابيت تقبر فيها أنفاس الدعاة، ونفائس دعوتهم، وإلى الله منهم المشتكى)).

وقد اجتهد العلماء المصلحون فى الذب عن علماء الأمة المقصودين بهذه المطاعن، فنصحوا وأخلصوا وبينوا ما في هذا المسلك من البغي والظلم والعدوان، وأثبتوا بالأدلة القطعية أن هذه الفتنة لا تزيد الأمة إلا فرقة، ولا الأخطاء إلا كثرة، فلقد فرح بها أعداء الإسلام الكاشحون أيما فرح، بل حققوا من خلالها ما لم يكونوا يطمعون فى تحقيقه بوسائلهم المعهودة.

وعلى رأس هؤلاء الناصحين فضيلة الشيخ بكر بن عبد الله أبو زيد عضو هيئة كبار العلماء وعضو اللجنة الدائمة للإفتاء، فكتب جزاه الله خيراً كتابه ((تصنيف الناس بين الظن واليقين))، هذه الدرة الثمينة التى بين يديك، فاشدد عليها بهما، وضعها فى خزانة قلبك، فقد انتظمت لآلئ ياقوتية، ودرراً زبرجدية.

يقول العلامة بكر أبو زيد ((لهذا جرى القلم في عرض ما هو كائن في معيار الشرع المطهر، عسى أن يكون وسيلة إنقاذ لمن أضناه مشوار التجريح والتصنيف، فيلقي عصا التسيار قبل الممات، وسلوة لمظلوم مضرج برماح الجراحين، فتكشف الضر، وتبعد السوء، وتحذيراً لكل عبدٍ مسلمٍ من سبيل من أحاطت به خطيئته.

وعسى أن يكون في هذه الأوراق تطهير لجماعة المسلمين من هذه الرواسب، وأمن لهم من هذه المخاوف، ونرفع بها الغطاء عن هذه المحنة الدفينة؛ لإطفاء جذوتها وكتم حملتها، خشية أن تعمل عملها فتفرق كلمة المسلمين، وتوجد الفروق بينهم، فيتخطفهم الناس، ويبقى صوت الحق ضئيلاً، وحامله ضعيفاً.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير