تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[عصام الشنطي شيخ مفهرسي المخطوطات.]

ـ[أبو زارع المدني]ــــــــ[02 - 01 - 10, 10:22 م]ـ

عصام الشنطي شيخ مفهرسي المخطوطات

د. رباح فوزي محمد

المصدر: مجلة الفهرست، العدد 16، أكتوبر 2006

تمهيد:

يُعَدُّ التراث العربي والإسلامي أقدم وأضخم تراثٍ حضاري إنساني عرفتْه البشريَّة، هذا التراثُ الحضاري العظيمُ مرَّ بسلسلةٍ طويلةٍ من الصعاب والكوارث على مرِّ العُصُور، فقد ألَمَّ به الكثيرُ من النكبات عبْر تاريخه، الذي يمتد بطول حقبةٍ زمنية طويلة، تبدأ منذ تدوين المصْحف الشريف - باعتباره أول كتاب عربي مخطوط - وتستمر حتى دُخُول الطباعة العالَم العربي والإسلامي، هذا التراث المخطوط يُمثِّل حضارة أمةٍ قدمتْ للإنسانية ما لم تقدمه وتحققه أمم أخْرى.

إن هذا التراث العظيم لَم يكنْ ليصل إلينا، أو أن تصل فهارسُه إلينا دون جُهُود فرسان وعلماء أفاضل مخلصين، أخذوا على عاتقهم مهمَّة جليلة، وهي نفْض الركام والغبار عن كاهِلِ هذا الإرْث الحضاري، وكفاه ما عاناه مِن نكبات فيما مضى، هؤلاء الفُرسان يعملون على تنظيم ذلك الإرْث وترتيبه، وإتاحته للباحثين والدارسين والمهتمين به بشكْل مناسبٍ، ومِن بين فرسان المخطوطات العربية والإسلامية المخلصين: فارسٌ نبيلٌ يعمل في دأبٍ وصمتٍ وتواضُع، اختار أن يعملَ منذ نصف قرْن تقريبًا في خدْمة المخْطوطات العربية والإسلامية، اختار أن يعملَ في مجال قد يبتعد عنه كثيرون؛ نظرًا لما فيه مِنْ مشقَّة وصِعاب، وقد يقترب منه البعضُ أمَلاً في الشُّهْرة والأضْواء.

فارس اليوم هو عصام محمد الشّنطي، الذي اتخذ مِن معهد المخطوطات العربية سكَنًا وبَيْتًا له، واختار منَ المخطوطات العربيَّة والإسلامية المنتشرة في جميع أنحاء العالَم طريقًا له؛ حيث سافَر إلى أكثر مِن بلد عربي وأجنبي توغل فيها، وهو يُنقِّب عنْ مخطوطات عربية وإسلامية، ويكْشف عن النفيس منها لصالِح جامعة الدول العربية، ومن ثَمَّ للباحثين في أرجاء العالم، زار الاتحاد السوفيتي؛ (حينما كان يُعَدُّ القوة العظمى الثانية في العالم)، ويوغسلافيا، وإيطاليا، والهند، وسورية، والسعودية، واليمَن، والجزائر، وغيرها.

واكتسب في هذا المجال خبرةً واسعة، وأصبحت الرابطة موصولة بينه وبين مراكز المخطوطات العربية الموَزَّعة في العالَم، والعلماء المعْنيين بتُراث العرب الفكري، الأمر الذي أتاح له المشارَكة في كثير مِن أعمال المؤتمرات والدورات التدريبية والحلقات والندوات واللجان في القاهرة، والإسكندرية وبغداد، ودمشق، والدار البيضاء وزليطن (ليبيا)، ودُبي، والجزائر، وغيرها، وكانت هذه كلها تدور حول تُراث العرب الفكري، ومشكلات المخطوطات العربية وفهرستها وتصْنيفها، وترميمها وصيانتها، وتحقيق النصوص ونشْرها، وقضية الأصالة والمعاصرة عند العرب، فهو بحقٍّ علامةٌ مضيئة بارِزة تستحق تسْليط الأضواء عليها مِن خلال: مولده ونشأته، والتعليم والدرجات العلميَّة التي حصل عليها، والوظائف والمناصب التي تقلَّدَها، والجوائز والدروع وشهادات التقدير التي نالَها، والمؤتمرات والندوات التي شارَك فيها، ومؤلفاته وأبحاثه المنْشورة.

المولد والنشأة:

وُلِد عصام الشنطي في قلقيلية قلب فِلَسْطين النابض في اليوم الثامن عشر من شهر ديسمبر عام 1929، ينتسب إلى أسرة فِلَسْطينية عربية ميسورة الحال، ومعروفة بِوَطنيتها وجدّيتها، وفتح عينيه ليرى جده لأبيه ووالده، دائبي العَمَل، فورث عنهما الجدَّ والاجتهاد.

قضى طفولته وشبابه، وهو يُشاهد الانتداب البريطاني على فِلَسطين غير أمين على حقوق أصحابها العرب، يمهد إلى قيام دولة إسرائيل، وحفظ الأناشيد الوطنية، ولَم يكنْ قد جاوز ست سنوات، وكان بعضُها يُمَجِّد جهاد الثائر الشيخ عز الدين القَسَّام، ويذكر استشهاده في سبيل وطنه عام 1935.

كانتْ بلدتُه بلدةً زراعيَّة منَ الدرجة الأولى، ويملك جده لأبيه ووالده وأعمامه مزارع البرتقال وكروم العنب والفاكهة، ويملك جده لأمه وأخواله كثيرًا من شجَر الزيتون، فالتَصَقَ منذ طفولتِه بالأرض، وتربَّى في أحضان الرمل الذهبي، ورائحة زهْر البرتقال، وطعْم زيت الزيتون.

التعليم:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير