الثانية: أبوه إسماعيل بن يحيى متروك كما قال الأزدى والدارقطني. وقد ألمح إلى ذلك الحافظ فقال في " الفتح " (2/ 291): " وقد ادعى ابن خزيمة النسخ ولو صح حديث النسخ لكان قاطعاً للنزاع. ولكنه من أفراد إبراهيم بن إسماعيل بن سلمة بن كميل عن أبيه وهما ضعيفان ".
الثالثة: يحيى بن سلمة واهٍ. تركه النسائي، وقال أبو حاتم وغيره: " منكر الحديث " وقال ابن معين: " لا يكتب حديثه ". وقال الحافظ الحازمي: " أما حديث سعد ففي إسناده مقال ولو كان محفوظاً لدل على النسخ غير أن المحفوظ عن مصعب عن أبيه حديث نسخ التطبيق. والله أعلم " اهـ. وقال النووي في " المجموع " (3/ 422): " ولا حجة فيه لأنه ضعيف ". قلت: وأقره شيخ الإسلام ـ ابن القيم ـ في " الزاد " ورغم ذلك أورده كناسخ!. وقال شيخنا الألباني في تعليقه على " المشكاة " (1/ 282) بعد قول الخطابي في النسخ: " وهذا يعني قول الخطابي في دعوى النسخ أبعد ما يكون عن الصواب من وجهين:
الأول: أن هذا إسناد صحيح ـ يعني حديث أبي هريرة ـ وحديث وائل ضعيف.
الثاني: إن هذا قول وذاك فعل والقول مقدم على الفعل عند التعارض.
ثم وجه ثالث: وهو أن له شاهداً من فعله صلى الله عليه وآله وسلم. فالأخذ بفعله الموافق لقوله أولى من الأخذ بفعله المخالف له وهذا بين لا يخفى إن شاء الله تعالى. وبه قال مالك وعن أحمد نحوه كما في "التحقيق " لابن الجوزي " اهـ
. الوجه الخامس:
قال شيخ الإسلام ـ ابن القيم ـ رضي الله عنه: " وحديث أبي هريرة مضطرب المتن. . . "!
قلت: ليس كما قال. فالاضطراب ـ هو أن يُروى الحديث على أوجه مختلفة متقاربة. ثم إن الاختلاف قد يكون من راوٍ واحدٍ بأن رواه مرة على وجه، ومرة أخرى على وجه آخر مخالف له، أو يكون أزيد من واحد بأن رواه كل جماعة على وجه مخالف للآخر. والاضطراب موجب لضعف الحديث لأنه يشعر بعدم ضبط رواته. ويقع في الإسناد والمتن كليهما. ثم إن رجحت إحدى الروايتين أو الروايات على الأخرى بحفظ راويها أو كثرة صحبته أو غير ذلك من وجوه الترجيحات فالحكم للراجحة ولا يكون الحديث مضطرباً. هذه هي القاعدة التي وضعها أسلافنا رضوان الله عليهم للحديث الذي يتنازع في أنه مضطرب. فإن علم ذلك فإن الحديث المعارض لحديث الباب حديث ساقط الإسناد لضعف عبد الله بن سعيد الشديد حتى لقد اتهمه يحيى القطان بأنه يكذب. وتقدم شرح ذلك. فيزول الاضطراب بترجيح حديث أبي هريرة الذي هو حجة لنا في الباب. والله الموفق.
الوجه السادس:
قول البخاري: " محمد بن عبد الله بن الحسن لا أدري أسمع من أبي الزناد أو لا ".
قلت: ليس في ذلك شيىء بتة. وشرط البخاري معروف. والجمهور على خلافه من الاكتفاء بالمعاصرة إذا أمن من التدليس. ولذا قال ابن التركماني في " الجوهر النقي ": " محمد بن عبد الله بن الحسن وثقه النسائي، وقول البخاري: " لا يتابع على حديثه " ليس بصريحٍ في الجرح، فلا يعارض توثيق النسائي " اهـ.
ومحمد هذا كان يلقب بالنفس الزكية وهو براء من التدليس فتحمل عنعنته على الاتصال.
قال المباركفوري في " تحفة الأحوذي " (2/ 135): " أما قول البخاري: " لا يتابع عليه " فليس بمضرٍ فإنه ثقة ولحديثه شاهد من حديث ابن عمر " اهـ وسبقه الشوكاني إلى مثل ذلك في " نيل الأوطار " (2/ 284) وانتصر لذلك الشيخ المحدث أبو الأشبال أحمد بن محمد شاكر في " تعليقه على المحلى " (4/ 128 ـ 130) فقال بعد أن ساق حديث أبي هريرة: " وهذا إسناد صحيح ".
محمد بن عبد الله بن الحسن هو النفس الزكية وهو ثقة. وقد أعل البخاري الحديث بأنه لا يدري سمع محمد من أبي الزناد أم لا. وهذه ليست علة.
وشرط البخاري معروف لم يتابعه عليه أحد، وأبو الزناد مات سنة (130) بالمدينة. ومحمد مدني أيضاً غَلَبَ على المدينة ثم قتل سنة (145) وعمره (53) سنة فقد أدرك أبا الزناد طويلاً " اهـ.
الوجه السابع:
إعلال الدارقطني أنه تفرد به الدرواردي.
¥