ويمكننا من باب التبسيط أن نفترض أن صافي الربح بعد استقطاع نصيب الشركة يبلغ 300 ريال للقرص. فكم يجب أن يكون عدد الأقراص المباعة لتمنح الشركة هبة 15000 ريال للمتسوق الأول؟ الجواب بحسب الافتراض السابق: 15000/ 300 = 50 قرصاً. أي أنه يجب أن يوجد 50 متسوقاً بعد المتسوق الأول، إذا كان كل متسوق يشتري قرصاً واحداً. ولكي يمنح المتسوق الثاني 15000 ريال فيجب أن يوجد بعده 50 متسوقاً أيضاً، وهكذا. وكل واحد من هؤلاء يحتاج 50 متسوقاً بعده ليحصل على هذه "الهبة."
أي أن المتسوق الأول يحصل على هبات مالية من خلال ما يدفعه من يأتي بعده، ومن بعده ممن بعده، وهكذا. وكل منهم لا بد أن يوجد بعده عدد أكبر من المشتركين ليمكن تحقيق مبلغ "الهبة"، فتكون النتيجة النهائية هرماً من المتسوقين، كل طبقة فيه أكبر من التي تليها. وينمو هذا الهرم بحسب "قوة السوق" وبحسب مستوى الانضمام للهرم.
وهذا هو بعينه نظام التسلسل الهرمي الذي تقوم عليه شركات التسويق الشبكي، والذي تزعم الشركة أنه لا علاقة لها به إطلاقاً. إن النظام الهرمي في جوهره لا يختلف بين هذه الشركات، بما فيها شركة هبة الجزيرة، لكن قد تختلف هذه الشركات فيما بينها في الإجراءات والتنظيمات التفصيلية. لكن المبدأ والجوهر واحد: كل عضو يدفع لكي يحصل على مبلغ ممن يليه، وكل طبقة من المشتركين يجب أن تليها طبقة أكبر منها ليمكن جمع العمولات أو "الهبات" الموعودة.
وكما سبق بيانه في مناسبات عديدة، فإن الهرم لا يمكن أن يستمر في النمو إلى ما لا نهاية. فإذا توقف كانت الطبقات الأخيرة قد دفعت الثمن دون أن تحصل على "الهبة" التي كانوا يحلمون بها. فهي في حقيقة الأمر خاسرة لأنها لم تحقق الغرض الذي دفعت الثمن لأجله. وحتى في أثناء نمو الهرم، فإن كل طبقة لا يتحقق مقصودها إلا إذا جاءت بعدها طبقة أو أكثر لتحصل على العمولات أو الهبات الموعودة. فالطبقات الأخيرة دائماً خاسرة إلا إذا وجد بعدها من يدفع ويتحمل الخسارة إلى أن يأتي بعدها من يتحملها بدوره، وهكذا.
فالقول بأن نظام هبة الجزيرة لا علاقة له بالتسلسل الهرمي قول ينافي الواقع ويناقض المعطيات المصرح بها في موقع الشركة. وليس هذا غريباً عن هذه الشركات التي تجتهد بكل وسيلة لإخفاء الحقيقة عن أعين الناس، ولو كانت كالشمس في رابعة النهار.
المقام الثاني: حكم هذا النظام وفق القواعد الشرعية
إن الحكم على هذا النظام يتناول جانبين: جانب العقد بين المتسوق والشركة، وجانب مجموع المتسوقين وكيفية عمل النظام بمجموعه.
أولاً: العقد بين المتسوق وبين الشركة
إن الشركة تصرح في أنظمتها أن المتسوق يدفع 500 ريال ليحصل على القُرص بالإضافة إلى حافز قدره 700 ريال وهبة قدرها 15000. وكل من الحافز والهبة غير مضمون، بل هو بحسب ما أسموه قوة السوق. أي أن الحوافز والهبات غير متيقنة ولا مضمونة، بل هي احتمالية. وإذا قصرنا النظر على الهبة فتكون النتيجة أن المتسوق يدفع 500 مقابل قُرص بالإضافة إلى 15000 احتمالية الحصول.
وسبق في المقام الأول أن مقصود المتسوق الأهم والأكبر هو الهبة وليس القُرص، وأن هذا هو شأن العقلاء الذين يبحثون عن مصالحهم. فالمقصود إذن هو مبادلة 500 ريال بـ 15000 ريال قد تحصل وقد لا تحصل، وهذا هو القمار والميسر المحرم شرعاً. وفوق ذلك فإنه مبادلة لنقد بنقد مع التفاضل والتأخير، فيدخل في الربا.
وأما وجود القُرص فهو إما أن يكون غير مقصود أصلاً، أو على أحسن الأحوال مقصوداً تبعاً، وإنما المقصود الأكبر والأعظم هو مبلغ الهبة. ومما يؤكد ذلك ما صرح به موقع الشركة أن من ثمرات النظام أنه "تم عقد قران أربعة من الشباب الذين استفادوا من هبات هذا النظام. وقد امتلك ثلاثة من المتسوقين منازل خاصة بعد أن كانوا في منازل مستأجرة ... " إلخ.
¥