تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فأما إبليس فهو أول من اظهر الخلاف وركب العناد وسار به في البلاد. والفرق بينه وبين الملائكة أن الملائكة لم يظهر منهم خلاف ولا عصيان، بل طلبوا بسؤَالهم الإيضاح والبيان. وإبليس أفتى ودلَّ في مسألته فانقطع في مجادلته وخسر في كَرَّته وبيان فساد تعليله، وإزاغته عن الصواب في تأويله. أنه قال: (خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ) ومعناه: أن النار جوهرٌ لطيفٌ شفافٌ له قوة الإشراق وسلطان الإحراق، والطين جسمٌ مظلمٌ كثيفٌ، ليس باللطيف ولا الخفيف. والسجود خدمة يتضمن تعظيم المسجود له والأَوْلى بها الأعلى منهما، هذا منتهى كلامه ومضمون قوله وهو مردودٌ عليه من وجوه:

منها: أنه عارض النص بالقياس وهو فساد في الاعتبار وعدم استبصار؛ لأن العمل بالنص مقدم على القياس؛ لأن سهام القياس تصيب مرة وتخطئ أُخرى. وكلام المعصوم المنزه عن الغلط والزلل لا يخطىُْ.

ومنها: أن الماء والتراب والهواء والنار أصول الأجسام وموادُّ المركبات. فلا يقوم جسم إلاَّ باجتماعها، وإذا كانت متكافئة في التأثير فاختصاص أحدها بالأفضلية لا دليل عليه.

ومنها: أن الطين اشتمل على أصلين من الأصول الأربعة وهما: الماء والتراب، فكيف يكون اصل واحدٍ منهما خيراً من أصلين متكافئين. وعلى تقدير تسليم التفاضل فالماء افضل؛ لأن سلطانه يقهر سلطان النار إذا التقيا.

ومنها: على تقدير صحة قياسه فالترجيح للسجود من وجهين:

أحدهما: أن مصلحة امتثال الأمر راجحةٌ على الامتناع؛ لأن امتثال الأمر آمن من العقاب المرتب على المخالفة.

الوجه الثاني: أن الامتناع من السجود بهذا التعليل المذكور من جهته يلزم منه تخطئة الأمر إلى وضع الشيء في غير موضعه، وذلك في غاية الجناية على الإله الحكيم. وقد قال بعض المتكلمين: إن كل شبهةٍ وقعت في الملل فأصلها من شبهتي إبليس. قال المصنف: بل هي شبهةٌ واحدةٌ مطردةٌ في كل مذهب فاسدٍ وقد ذكرنا ذلك في كتاب البروق. وأما الحجة فهي عبارة عن دليل الدعوى وقد تطلق على الشبهة أيضاً؛ لأنها مستند المخالفة. قال الله تعالى: (حُجَّتُهُمْ دَاحِضَةٌ عِنْدَ رَبِّهْم)، وقال تعالى: (لِئَلاَّ يُكونَ لِلنَّاسِ عَلَى الله حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ)، وقوله تعالى: (فللَّهِ الحجةُ البالغةُ) أي الدليل القاطع الذي لا يعارضه معارض، وذلك قوله تعالى: (وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتيناهَا إبراهيمَ عَلَى قومِهِ)، وقد قيل في قوله تعالى إخباراً عن إبليس (ومَا كانَ لي عليكُم مِنْ سُلْطَانٍ) أي حجةٍ وإنما غرهم بالشبهةِ فالحجة حقيقةٌ في الدليل مجازٌ في الشبهةِ. ليسِ عَلَى الله حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ)، وقوله تعالى: (فللَّهِ الحجةُ البالغةُ) أي الدليل القاطع الذي لا يعارضه معارض، وذلك قوله تعالى: (وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتيناهَا إبراهيمَ عَلَى قومِهِ)، وقد قيل في قوله تعالى إخباراً عن إبليس (ومَا كانَ لي عليكُم مِنْ سُلْطَانٍ) أي حجةٍ وإنما غرهم بالشبهةِ فالحجة حقيقةٌ في الدليل مجازٌ في الشبهةِ.

الباب الثالث: في جدال الأنبياء عليهم السلام للأمم

في جدال الأنبياء عليهم الصلاة والسلام للأمم أولهم: جدال نوح عليه السلام: قال: (استغفِرُوا رَبِّكُم إنَّه كانَ غفاراً. يرسلِ السماءَ عليكُم مدراراً. ويمددكم بأموال وبنينَ ويجعلْ لكُم جناتٍ ويجعلْ لكم أنْهاراً. ما لكُم لا ترجونَ للَّهِ وقاراً. وقد خلقكُمْ أطواراً. ألمْ تَرَوا كيفَ خلقَ اللُهُ سبعَ سماواتٍ طباقاً. وجعل القَمر فيهنَّ نوراً وَجَعَلَ الشمسَ سِرَاجاً. واللهُ أنَبَتكُم مِنَ الأرضِ نباتاً. ثم يُعيدُكم فيها ويخرِجُكُم إخراجاً. والُلهُ جَعَلَ لكُم الأرض بِسَاطاً لِتسلكُوا منها سُبُلاً فِجاجاً).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير