تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

دليلٌ آخرُ قوله تعالى: (واللهُ يعصمُكَ مِنَ النَّاسِ) وقوله: (لَهُ معقباتٌ مِنْ بين يديْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ) وكان يحرس فقال: اذهبوا فإن الله تعالى قد عصمني فأخبر بعصمته فما قدر أحدٌ على قتلهِ مع كثرة أعدائه والقاصدين له بذلك كما عُرف.

دليلٌ آخرُ قوله تعالى: (أفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ القرآنَ أمْ على قُلُوبٍ أَقْفَالُها) (أفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ القرآنَ ولو كانَ مِنْ عندِ غيرِ اللهِ لوجدُوا فيهِ اختلافاً كَثيراً) ولا خلف في خبره (صلى الله عليه وسلم) وقد أخبر كما تقدم من القصص، واليهود يعرفون صحة ما أخبر من كتابهم هذا ولم يكن صاحب كتابةٍ ولا مشتغلاً بالكتب. وأخبر عن أمور منها ما كان، ومنها ما سيكون ومن أنعم النظر في الكتاب العزيز استنبط من أدلة صدق محمدٍ (صلى الله عليه وسلم) أكثر مما ذكرناه، فأما أدلة رسالته من غير الكتاب العزيز فهي أكثر من أن تحصى وقد ألف في دلائل النبوة جماعةٌ من العلماء منهم أبو نعيم الحافظ الأصبهاني، ومنهم أبو بكرٍ بن فوركٍ، ومنهم الحافظ أبو بكر البيهقي.

فصلٌ:

ومن فهم مذهب الفصاحة والبلاغة وأرشده الله تعالى ووفقه أمكنه أن يختار من الأخبار النبوية الصحاح ألف حديثٍ فما زاد تبلغُ مرتبة التعجيز عن الإتيان بمثلها فيكون ألف دليلٍ على النبوة مستمرة التعجيز مشهوداً لها بالتمييز، وإذا تقررت هذه الأدلة التي ذكرناها فكل دليل دلَّ على رسالة محمد (صلى الله عليه وسلم) وعلى رسالة من سبقه من الأنبياء صلوات الله عليهم وسلامه، فهو دليل على الصانع سبحانه.

الباب الثامن: في ذكر الأسئلة والأجوبة الجدلية من الكتاب العزيز

في ذكر الأسئلة والأجوبة الجدلية من الكتاب العزيز:

سؤال المنع (وإذا قيلَ لهم لا تفسِدُوا في الأرضِ قالوا إنما نحنُ مصلحُون) معناهُ: لاَ نسلمُ إنا مفسدونَ؛ لأنَّ الإصلاحَ ضدُّ الإفسادِ فإذا ادَّعوا الإصلاحَ فقدْ أنكروا الإفسادَ ثَّم منعُوا هذهِ الدعوى بقولهِ تعالى: (ألا إنَّهم همُ المفسدونَ) وفي هذا دليلُ جواز المنعِ منْ طريق المعنى، وفبهِ الردُّ على منْ يقولُ هذا بغيرتوجيهٍ لإهمالِ مراعاة صيغة لفظ المجادلِ، وهذا يطردُ في كلِّ موضعٍ هذا سبيله.

ومثلهُ قولُ اللهِ تعالى عن الكفارِ حيثُ قالوا لرسلِ عيسى بن مريمَ: (إناَّ تطَّيْرنَا بِكُم) قالوا لهم: (طائِرُكُم مَعَكم) أي: شؤمكُم مِنْكُم لا منَّا، ودليلهُ أنَّكم جعلْتُمُ التذكيرَ باللهِ وبعبادِتهِ علة الشؤْمِ أيْ: (أإنْ ذُكِّرْتُم بَلْ أنتمْ قومُ مسرفون)

سؤال النقضِ في قولهِ تعالى: (الذين قالوا إنَّ اللهَ عَهِدَ إلينا ألاَّ نُؤْمِنَ لرسُولٍ حتى يأتينا بقربانٍ تأكلُهُ النارُ قل قدْ جاءَكُم رسلُ مِنْ قبلي بالبيناتِ وبالذي قلتُم فَلِمَ قتلتموهُم إنْ كنتم صادِقِينَ). معناه: العلة التي توجب عندكم الإيمان بالرسل قد وُجِدَتْ فَلِمَ قتلتموهم، فدل على أن التعليل بما ذكرتم غير صحيح. وهذا النقض وارد على معنى كلامهم، فدل على جواز إيراد ما يهدم كلام الخصم على أي وجهٍ كان.

ومن صور النقض قوله:

(وإذا قيلَ لهمُ اتبعُوا ما أنزلَ اللهُ قَالُوا بل نتبعُ ما ألفيناَ عليهِ آباءنَا)

النقض في قوله: (أَوَلَوْ كان آباؤُهم لا يعقلونَ شيئاً ولا يهتدونَ)

ومن صور النقض أيضاً في قوله: (ما كان للنبيِّ والذينَ آمنُوا أنْ يستغفرُوا للمشركينَ ولو كانُوا أولي قُرْبَى مِنْ بَعدِ ما تبينَ لهمْ أنَّهم أصحابُ الجحيمِ)

النقض بإبراهيم عليه السلام؛ لأنه استغفر لأبيه وهو مشركٌ في قوله تعالى: (سأستغفرُ لكَ ربي إنهُ كانَ بي حفياً) فكان الجواب: (وَمَا كانَ استغفارُ إبراهيمَ لأبيهِ إلاَّ عنْ موعدةٍ وعدَها إياهُ، فلما تبينَ لهُ أنهُ عدوٌّ للهِ تَبَرَّأَ منهُ إنَّ إبراهيم لأوَّاهٌ حليمٌ).

ومن صور النقض قوله تعالى: (فلمَّا جاءهُمُ الحقُّ مِنْ عندِنَا قالُوا لولا أُوتيَ مثلَ ما أوتيَ موسَى أوَ لم يكفُروا بما أُتيَ مُوسىَ مِنْ قبلُ قالُوا ساحِرانِ تظاهَرَا وقالُوا إنَّا بكلٍ كافِرُونَ).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير