تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ولكن هل المراد بهذه الكيفية هو الإيضاح وزيادة البيان لحصى الخذف الذي ينبغي أن يرمى به أم المراد التعليم والالتزام بها دون غيرها من الكيفيات؟ كل من الأمرين محتمل لكن الأول هو الأظهر حتى أن النووي لم يذكر غيره أما ابن الهمام فقد ذكر في " الفتح " الاحتمال الثاني ورده وجزم بأن المراد الأول وعليه فليس في السنة كيفية للرمي ينبغي التزامها فكيف تيسر له رمي.

وهنا تنبيهات:

الأول: أنه لا يجوز الرمي يوم النحر قبل طلوع الشمس ولو من الضعفة والنساء الذين يرخص لهم أن يرتحلوا من المزدلفة بعد نصف الليل فلا بد لهم من الانتظار حتى تطلع الشمس ثم يرمون لحديث ابن عباس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قدم أهله وأمرهم أن لا يرموا جمرة العقبة حتى تطلع الشمس " وهو حديث صحيح بمجموع طرقه وصححه الترمذي وابن حبان وحسنه الحافظ في " الفتح " (3/ 422) ولا يصلح أن يعارض بما في البخاري أن أسماء بنت أبي بكر رمت الجمرة ثم صلت الصبح بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم لأنه ليس صريحا أنها فعلت ذلك بإذن منه صلى الله عليه وسلم بخلاف ارتحالها بعد نصف الليل فقد صرحت بأن النبي صلى الله عليه وسلم أذن بذلك للظعن فمن الجائز أنها فهمت من هذا الإذن الإذن أيضا بالرمي بليل ولم يبلغها نهيه صلى الله عليه وسلم الذي حفظه ابن عباس رضي الله عنه.

الثاني: أن هناك رخصة بالرمي في هذا اليوم بعد الزوال ولو إلى الليل فيستطيع أن يتمتع بها من يجد المشقة في الرمي ضحى والدليل حديث ابن عباس أيضا قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يسأل يوم النحر بمنى فيقول: لا حرج فسأله رجل فقال: حلقت قبل أن أذبح؟ قال: اذبح ولا حرج قال: رميت بعد ما أمسيت. فقال: لا حرج. رواه البخاري. وغيره. وإلى هذا ذهب الشوكاني ومن قبله ابن حزم قال في " المحلى ":

" إنما نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن رميها ما لم تطلع الشمس من يوم النحر وأباح رميها بعد ذلك وإن أمسى وهذا يقع على الليل والعشي معا ".

فاحفظ هذه الرخصة فإنها تنجيك من الوقوع في ارتكاب نهي الرسول صلى الله عليه وسلم المتقدم عن الرمي قبل طلوع الشمس الذي يخالفه كثير ن الحجاج يزعم الضرورة.

الثالث: أن المحرم إذا رمى جمرة العقبة حل له كل شيء إلا النساء ولو لم يحلق لحديث عائشة رضي الله عنها: " طيبت رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدي بذريرة لحجة الوداع للحل والإحرام حين أحرم وحين رمى جمرة العقبة يوم النحر قبل أن يطوف بالبيت ". رواه أحمد بسند صحيح على شرط الشيخين وأصله عندهما. وبهذا قال عطاء ومالك وأبو ثور وأبو يوسف وهو رواية عن أحمد. قال ابن قدامة في " المغني " (3/ 439): " وهو الصحيح إن شاء الله تعالى " وإليه ذهب ابن حزم بل قال: يحل له ذلك بمجرد دخول وقت الرمي ولو لم يرم.

وأما اشتراط الحلق مع الرمي كما جاء في بعض المذاهب وغير واحد من كتاب المناسك فهو مع مخالفته لهذا الحديث الصحيح فليس فيه حديث يصلح للمعارضة أما حديث " إذا رميتم وحلقتم - زاد في رواية: وذبحتم فقد حل لكم كل شي إلا النساء " فهو ضعيف الإسناد مضطرب المتن كما بينته في " الأحاديث الضعيفة " (رقم ما بعد الألف).

الرابع: أنه يجوز له أن يلتقط الحصى من حيث شاء كما قال ابن تيمية رحمه الله وذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يحدد لذلك مكانا وغاية ما جاء فيه حديث ابن عباس (وفي رواية: الفضل بن عباس) قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم غداة العقبة (وفي رواية: غداة النحر وفي أخرى: غداة جمع) وهو على راحلته: هات القط لي فلقطت له حصيات نحوا من حصى الخذف فلما وضعتهن في يده قال: مثل هؤلاء ثلاث مرات وإياكم والغلو في الدين فإنما هلك من كان قبلكم بالغلو في الدين. أخرجه النسائي وابن ماجه وابن الجارود في " المنتقى " (رقم 473) والسياق له وابن حبان في صحيحه والبيهقي وأحمد (1/ 215 347) بسند صحيح فهذا مع كونه لا نص فيه على المكان فهو يشرع بأن الالتقاط كان عند جمرة العقبة على الرواية الثانية وكذا الأولى وعليها أكثر الرواة وكأن ابن قدامة لاحظ هذا المعنى فقال في " المغني " (3/ 425) " وكان ذلك بمنى ".

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير