قلت: والحديث منكر بهذين الإسنادين، لا يرفعه عن الزهرى غير ابن أرقم وابن سمعان، ولا يتابعا على رفعه. فأما سليمان بن أرقم فمتروك لا تحل الرواية عنه، يروى عن الزهرى مناكير لا تشبه أحاديث الثقات. قال ابن حبان: كان ممن يقلب الأخبار ويروى عن الثقات الموضوعات. وقال أحمد ويحيى: ليس بشئٍ. وقال عمرو بن على الفلاس: ليس بثقة روى أحاديث منكرة. وقال البخارى: تركوه. وأما ابن سمعان، واسمه عبد الله بن زياد بن سليمان بن سمعان، فقد كذبه مالك ومحمد بن إسحاق. وقال البخارى: سكتوا عنه. وقال أبو حاتم: ضعيف الحديث، سبيله سبيل الترك. وقال أبو داود: كان من الكذابين، ولى قضاء المدينة. وقال النسائى والدارقطنى: متروك الحديث.
وللحديث شواهد عن أنس، وابن عمر بأسانيد واهية لا يجوز الاعتبار بها بحال، ولا ذكرها إلا تعجباً.
فقد أخرجه ابن عدى (2/ 371)، وابن الجوزى ((الموضوعات)) (3/ 212) من طريق حسان بن سياه عن ثابت عن أنس مرفوعاً بمثله.
وأخرجه ابن حبان ((المجروحين)) (2/ 33)، وابن الجوزى ((الموضوعات)) (3/ 212) من طريق عبد الله بن زياد الفلسطينى عن زرعة بن إبراهيم عن نافع عن ابن عمر مرفوعاً بمثله غير أنه قال ((فأصابه وضح)).
قلت: وهذان الإسنادان واهيان تالفان. ففى الأول: حسان بن سياه أبو سهل البصرى. قال ابن حبان: منكر الحديث جدا يأتي عن الثقات بما لا يشبه حديث الأثبات. وقال ابن عدى: ينفرد عن ثابت بأحاديث عامتها لا يتابعه غيره عليه، والضعف بيِّن على رواياته وحديثه. وذكر له ثمانية عشر حديثاً منكراً منها ((من احتجم يوم السبت والأربعاء)). وفى الثانى: عبد الله بن زياد الفلسطينى، قال ابن حبان: ((شيخ يروي عن زرعة بن إبراهيم عن نافع عن ابن عمر عن النبي صلَّى الله عليه وسلَّم قال: ((من احتجم يوم السبت ويوم الأربعاء .. )) الحديث، لا يحل ذكر مثل هذا الحديث في الكتب إلا على سبيل الاعتبار، لأنه موضوع ليس هذا من حديث رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، ومن روى مثل هذا الحديث وجب مجانبة ما يروي من الأحاديث، وإن وافق الثقات في بعض الروايات)).
قلت: وإنما ثبت هذا الحديث عن الزهرى مرسلاً. فقد أخرجه أبو داود ((المراسيل)) (451) قال: حدثنا محمد بن يحيى بن فارس ثنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن الزهري عن النبي صلى الله عليه وسلَّم به.
(9) عن الحسن البصرى حدثنى سبعة من أصحاب النَّبىِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: عبد الله بن عمر وعبد الله بن عمرو وجابر ابن عبد الله وأبو هريرة وعمران بن حصين ومعقل بن يسار وسمرة بن جندب: أن رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نهى عن الحجامة يوم السبت والأربعاء، وقال: ((من فعل ذلك، فأصابه بياض، فلا يلومن إلا نفسه))
موضوع. أخرجه ابن حبان ((المجروحين)) (2/ 163)، وابن الجوزى ((الموضوعات)) (3/ 211) من طريق ضمرة بن ربيعة عن عباد بن راشد التميمى عن الحسن به.
وقال ابن حبان: ((عباد بن راشد التميمي يروي عن الحسن وداود بن أبي هند. كان ممن يأتي بالمناكير عن أقوام مشاهير حتى يسبق إلى القلب أنه كان المتعمد لها فبطل الاحتجاج به. والحسن البصرى لم يشافه ابن عمر ولا أبا هريرة ولا سمرة بن جندب ولا جابر بن عبد الله، وقد سمع من معقل ابن يسار وعمران بن حصين. والحسن ما رأى بدرياً خلا عثمان بن عفان، وعثمان يعد من البدريين ولم يشاهد بدراً)).
(10) عن أنس قال: قال رسولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((عليكم بالحجامة يوم الخميس، فإنها تزيد في الأرب))، قيل: يا رسول الله وما الأرب؟، قال: ((العقل)).
منكر. أخرجه العقيلى ((الضعفاء الكبير)) (3/ 454)، وابن عدى ((الكامل)) (6/ 16)، وابن الجوزى ((العلل المتناهية)) (2/ 877/1468) جميعا من طريق الفضل بن سلام ثنا معاوية بن حفص ثنا محمد بن ثابت عن أبيه عن أنس به.
قال أبو جعفر: ((الفضل بن سلام منكر الحديث، ومعاوية بن حفص مجهول ولا يعرف إلا به. وليس ثابت في التوقيت في الحجامة يوماً بعينه عن النبي صلى الله عليه وسلم، وفيها أحاديث أسانيدها كلها لينة)).
¥