تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وواضح تماماً أن هذه إجابة غير مقنعة، بل إنها هزلية مستخفة بالعقول؛ فما سمع أحد منذ قرون عدة أن ثقافة العدل هذه لها وجود لا على المستوى النظري أو العملي، ولا حققت قرارات الأمم المتحدة العدل يوماً ما، ولا تحقق العدل لا بالطرق السلمية ولا بالمقاومة المسلحة؛ فما زالت فلسطين والجولان في يد اليهود، وها هو العراق قد سقط، وها هي ليبيا سلمت أسلحتها طواعية، والبقية تأتي، وبشائر الشرق الأوسط الجديد تلوح في الأفق، أليس كل ذلك من أجل سلامة أمن واستقرار اليهود؟

وما نتصوره هو أن السبب الذي يكمن وراء كل هذا الدفاع عن اليهود ومحاولة بذل أقصى الوسع في تبرئتهم من سلوكياتهم اللصيقة بهم إنما يكمن في هذا المنظور الذي تبناه «المفكر العربي» من العلوم الاجتماعية الذي يتلخص في منظومة (الاختزال - التقويض ـ التفكيك ـ التركيب)، وهي منظومة تفوح منها بشدة رائحة المفكر المعروف «دريدا» صاحب فلسفة التقويض والتركيب. هذه الفلسفة التي أدت «بمفكرنا العربي» طبقاً لمفهوم التفكيك إلى نزع القداسة عما هو مقدس، وما يسمى بتقويض مرجعية المؤلف من جذورها، وأن صاحب النص لا يستطيع أن يفرض على نصوصه المعنى الذي يريده وإنكار لأي نص حتى ولو كان مقدساً له وجود ثابت ومستقر، والسماح للعقل بتجديد النصوص بشكل مستمر. وقد عبر عن ذلك مفكرنا «العربي» بقوله:

(حينما يتم تناول أي نص ـ أياً كانت قداسته - لا بد وأن يؤخذ في الاعتبار سياقه التاريخي ... فالمطلق مهما كان إطلاقه لا بد أن يتبدى من خلال النسبي ... إن الإنسان الذي يعيش في التاريخ لا يمكنه أن يدرك المطلق إلا من خلال النسبي ... وإذا كان هذا ينطبق على الكتب الدينية المقدسة فهو لا شك ينطبق بشكل أكبر على كتب الشروح والتفسير، مهما خلعت على نفسها من قداسة وإطلاق). يقول «المفكر العربي» ذلك وكأنه لم ينشأ في دار الإسلام، ولم يتعمق في فهم ودراسة القرآن، حتى إنه تبنى المفاهيم الفلسفية عن الله ـ تعالى ـ (كالمطلق)، ولم يصف الله ـ تعالى ـ كما وصف ـ سبحانه ـ به نفسه.

? تحليلات ساذجه برؤيه غربية:

ووفقاً للمنظور الذي تبناه «المفكر العربي» تسقط عن كل النصوص التي جاءت عن اليهود في القرآن والسنّة القدسية التي تحملها. ولكن أكلما جاءنا رجل ألحن من رجل تركنا كتاب الله وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم- واستمعنا إليه؟ إن نصوص القرآن والسنة تقطع تماماً أن الله ـ تعالى ـ قد غضب على اليهود، وجعل منهم القردة والخنازير وعبد الطاغوت، ووصفهم الرسول -صلى الله عليه وسلم- بنفس الأوصاف التي وصفهم الله بها، وقال عنهم: إنهم إخوان القردة، وكان يبدأ أحاديثه عنهم «بقوله: قاتل الله اليهود، ولعن الله اليهود»، وقال كذلك: «لا تأووا اليهود؛ فإن الله ضرب على رقابهم بذل مقدم» وقيل: «إنه لو بلغت ذنوب المسلمين عدد الحصا والرمال والتراب والأنفاس ما بلغت مبلغ ما قيل لنبي واحد، ولا وصلت إلى قول إخوان القردة {إنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ} [آل عمران: 181] وقولهم {عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ} [التوبة: 30] وقولهم {نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ} [المائدة: 18]، أنترك نصوصنا المقدسة، ونستمع تحليلات المفكر العربي المستوحاة من العلوم الاجتماعية؟ إن طبيعة اليهود كما عرضها القرآن الكريم في شتى المناسبات هي:

إن تحليلات «المفكر العربي» ليست إلا رؤية واحدة من العديد من الرؤى التي تعج بها العلوم الاجتماعية، يرفض بها ما يسميه «بالنموذج الاختزالي التآمري» الذي تسبب في اتهام اليهود بكل هذه التهم، وسماه «المفكر العربي» بـ «النموذج البسيط المغلق الواحدي المصمت» الذي يتجه نحو اختزال العالم إلى عناصر بسيطة، والفكر الاختزالي في نظر «المفكر العربي» فكر كسول لا يكد ولا يتعب لكي يحيط بتركيبة الواقع، ويقنع بإدراك هذا الواقع على مستوى واحد، وتبنى بدلاً منه نموذجاً آخر استند إليه في تبرئة اليهود هو «النموذج المركب المنفتح التعددي الفضفاض» والذي يحتوي على عناصر متفاعلة مركبة، أهمها العامل الإنساني ودوافعه، والواضح هنا أن هذا الدفاع المستميت عن اليهود من المنظور المركب المنفتح الذي تبناه «المفكر العربي»، قد أوقعه في شراك النموذج الاختزالي الواحدي المنغلق المصمت؛ فبدت دفاعاته عن اليهود ـ كما تخيلها ـ متماسكة

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير