تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

3 - إن الآمرة والناهية لابد وأن تتعرض لبعض المواقف، التي ربما تجعلها ترجع عن القيام بهذا الواجب، فأقول لا بد وأن تعرفي أن طريق الأنبياء المرسلين ليس طريقاً ممهداً بالورود والرياحين، وأن الجنة محفوفة بالمكاره والمخاطر، ولنا في نبينا عليه الصلاة والسلام أسوة حسنة.

4 - إن الصحبة الصالحة من أهم الأمور المعينة على القيام بهذه الشعيرة العظيمة، فاحذري أختي المسلمة أن تصحبي ضعيفات الهمة والخاملات، فإنك إن صحبتيهن فلن تفلحي أبداً:

يقول الشاعر:

قد هيؤك لأمر لو فطنت له ... فاربأ بنفسك أن ترعى مع الهمل

مراتب التغيير:

أختي الكريمة إن من رحمة الله سبحانه وتعالى أنه لا يكلف نفساً إلا وسعها، وهذه قاعدة متينة من قواعد هذا الدين العظيم، وتصوري أختي العزيزة لو كان الأمر بالإنكار لكل الناس باليد لحصل من الشر والبلاء والتطاحن بين الخلق ما لا يحصى شره إلا الله وحده ... ولهذا قال النبي: {من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان} [رواه مسلم]. فهذا توجيه نبوي بإنكار المنكرات ولكن كلٌ على حسبه كما يلي:

المرتبة الأولى: الإنكار باليد وهو مشروط بالقدرة، وعدم ترتب مفسدة أكبر من جرّائه، وليس لكل أحد الإنكار باليد، فإذا رأيت أنك لا تتمكنين من تغييره بيدك إما لعدم قدرتك على ذلك، أو خشيتي ترتب مفسدة أكبر من المصلحة المرجوة، فإنك تنتقلين بعد ذلك إلى:

المرتبة الثانية: وهو الإنكار باللسان وإنما تنتقلين إلى هذه المرتبة إذا عجزت عن التي قبلها، وهذه المرتبة أيسر ولا شك، والذي ينبغي في هذه المرتبة هو التغيير بحسب قول الله تعالى: (ادعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالحِكمَةِ وَالمَوعِظَةِ الحَسَنَةِ وَجَادِلهُم بِالَّتِي هِيَ أَحسَنُ) [النحل:125] فإذا عجزت عن الإنكار باللسان فإنك تنتقلين إلى:

المرتبة الثالثة: الإنكار بالقلب وهي أدناها ولا شك، ولا رخصة لأحد في تركه أبداً، وضابطة هو الإيمان بأن هذا منك، وكراهته والاستمرار في كرهه وبغضه، فإذا لم يكن الإنكار بالقلب فهذا دليل على عدم الإيمان، ودليل على موت القلب والعياذ بالله؛ لأن الإنكار بالقلب هو آخر حدود الإيمان.

مبشرات:

أختي المسلمة: إن القائمة بهذه الشعيرة والتي حملت على عاتقها الهمّ الأعظم، ألا وهو همُّ الدين ومرضاة رب العالمين فأقول إنها، قد انتظمت في سلك الفالحين، وسلكت طريق الأنبياء والمرسلين، واعلمي أختي المسلمة أن الله لم يأمرنا بما فيه مضرة محضة، وإن كان ظاهر هذه الشعيرة غير هذه الحقيقة، فمن كان همتها ورغبتها متعلقة بالعرش، وترغب في مرضات ربها، فلتعلم أن الراحة الأبدية في جنات الخُلد، لا في هذه الدنيا فإليك يا أختي هذه البشارات والمحفزات لعل الله أن ينفع بها:

التشبه بالرسل، والقيام بدعوتهم، والسير في طريقهم.

النجاة من العذاب الدنيوي والأخروي، وحينما يحل العذاب بقوم ظالمين، فإن الله ينجّي الذين ينهون عن السوء. كما قال تعالى: (فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِ أَنجَيناَ الذَّيِنَ يَنهَونَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذنَا الذَّيِنَ ظَلَمُواْ بِعَذَابِ بَئِس بِمَا كَانُواْ يَفسُقُونَ) [الأعراف:165].

الخروج من عهدة التكليف، ولذا قال الذين حذروا المعتدين في السبت من بني إسرائيل، لما قيل لهم (لِمَ تَعِظُونَ قَوماً اللهُ مُهلِكُهُم أَو مُعَذِّبُهُم عَذَاباً شَدِيداً قَالُواْ مَعذِرةً إِلَى رَبِّكُم) [الأعراف:164] فالساكتة عن الحق مؤاخذة، ومتوعدة بالعقوبة، كما أنها شيطان أخرس.

إقامة حجة الله على خلقه قال الله تعالى: (رُّسُلاً مّثبَشِّرينَ وَمُنذِرِينَ لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللهِ حُجَّةُ بَعدَ الرُّسُلِ) [النساء:165].

أداء بعض حق الله عليك من شكر النعم التي أسداها لك، من صحة البدن، وسلامة الأعضاء، يقول النبي: {يصبح على كل سلامى من أحدكم صدقة ..... وأمرٌ بالمعروف صدقة، ونهيٌ عن المنكر صدقة} [رواه مسلم].

هذا بالإضافة إلى الكثير من الفضائل والفوائد التي لا يحصى عددها إلا الله، والتي تعود بالنفع للفرد والمجتمع كرجاء استقامة الأفراد، ورفع العقوبات العامة عن المجتمع.

[مقدمة الشيخ سعد بن سعيد الحجري]

الحمد لله الذي جعل الدين النصيحة، واختار له أهل الأقوال المليحة والألسنة الفصيحة، وصلى الله وسلم على سيدنا محمد الذي أيّده الله بالآيات الصريحة، والسنة الصحيحة، وعلى آله وصحبه ومن سار على طريقه إلى يوم الدين أما بعد:

فإن من عوامل الحفظ للإنسان والحفظ للأمم والشعوب وحمايتها من الهلاك القيام بواجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وقد قدمه الله تعالى على الإيمان في قوله تعالى: (كُنتُم خَيرَ أُمَّةٍ أُخرِجَت لِلنَّاسِ تَأمُرُونَ بِالمَعُروفِ وَتَنهوْنَ عَنِ المُنكَرِ وَتُؤمِنُونَ بِاللهِ) [آل عمران:110] وجعله أمناً من العذاب في قوله: (وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهلِكَ القُرَى بِظُلمٍ وَأهلُهَا مَصلِحُونَ) [هود:117] وجعله الربح الدائم في الدنيا والآخرة في قوله تعالى: (وَالعَصرِ (1) إِنَّ الإنسَانَ لَفِي خُسرٍ (2) إِلاَّ الَّذِيِنَ آمَنُواْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَواْ بِالحَقِ وَتَوَاصَواْ بِالصَّبرِ) [العصر:1 - 3] ولأهميته فقد كتب الأخ الفاضل/ يحي بن إبراهيم أبو شريفه هذه الرسالة المتواضعة التي تحث بنات حواء المؤمنات الغيورات على القيام بهذا الأمر الجلل.

أسأل الله أن ينفعه بها، وأن يجعل العمل خالصاً لوجهه الكريم، وصلى الله وسلم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير