تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

3 - أن يكون الحديث له أصل صحيح ثابت في الكتاب أو السنة، مثاله: لو جاءنا حديث يرغِّب في بر الوالدين، وحديث آخر يرغب في صلاة الجماعة، وآخر يُرغب في قراءة القرآن وكلها أحاديث ضعيفة، ولكن قد ورد في بر الوالدين، وفي صلاة الجماعة، وفي قراءة القرآن أحاديث صحيحة ثابتة في الكتاب والسنة.

4 - ألا يعتقد أن النبي صلى الله عليه وسلّم قاله، لأنه لا يجوز أن يعتقد أن النبي صلى الله عليه وسلّم قال حديثاً إلا إذا كان قد صح عنه ذلك.

ولكن الذي يظهر لي: أن الحديث الضعيف لا تجوز روايته، إلا مبيناً ضعفه مطلقاً، لاسيما بين العامة، لأن العامة متى ما قلت لهم حديثاً، فإنهم سوف يعتقدون أنه حديث صحيح، وأن النبي صلى الله عليه وسلّم قاله.

ولهذا من القواعد المقررة عندهم هو: أن ما قيل في المحراب فهو صواب وهذه القاعدة مقررة عند العامة، فلو تأتي لهم بأكذب حديث على وجه الأرض لصدقوك، ولهذا فالعامة سيصدقونك حتى لو بينت لهم ضعفه، لاسيما في الترغيب والترهيب، فإن العامي لو سمع أي حديث لَحفِظَهُ دون الانتباه لدرجته وصحته.

والحمد لله فإن في القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة الصحيحة، ما يغني عن هذه الأحاديث.

والغريب أن بعض الوضَّاعين الذين يكذبون على رسول الله صلى الله عليه وسلّم وضعوا أحاديث النبي صلى الله عليه وسلّم في حثِّ الناس على التمسك بالسنة، وقالوا: إننا لم نكذب على الرسول صلى الله عليه وسلّم، وإنما كذبنا له، والرسول صلى الله عليه وسلّم يقول: «من كذب علّي فليتبوأ مقعده من النار» أما نحن فقد كذبنا له، وهذا تحريف للكلم عن مواضعه، لأنك نسبت إلى الرسول صلى الله عليه وسلّم ما لم يقله، وهذا هو الكذب عليه صراحة، وفي السنة الصحيحة غنى عما كذبت عليه.

قال المؤلف رحمه الله:

وما أُضيفيَ للنَّبي (المرفوعُ) ** وما لتابِعٍ هو (المقطوعُ)

ذكر المؤلف رحمه الله نوعين من أنواع الحديث وهما (المرفوع - والمقطوع) وهما القسم الرابع والخامس مما ذكر في النظم.

ونقول: إن الحديث باعتبار من أسند إليه ينقسم إلى ثلاثة أقسام:

1 - المرفوع.

2 - الموقوف، ولم يذكره الناظم هنا وسيذكره فيما بعد.

3 - المقطوع.

وتختلف هذه الثلاثة باختلاف منتهى السند.

فما انتهى سنده إلى النبي صلى الله عليه وسلّم فهو المرفوع.

وما انتهى إلى الصحابي فهو الموقوف.

وما انتهى إلى من بعده فهو المقطوع. والمقطوع غير المنقطع كما سيأتي.

فالمرفوع هو: ما أضيف إلى النبي صلى الله عليه وسلّم من قول، أو فعل، أو تقرير.

مثال القول: قوله صلى الله عليه وسلّم: «إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرىء ما نوى». فهذا مرفوعٌ من القول.

ومثال الفعل: توضأ النبي صلى الله عليه وسلّم فمسح على خفيه. وهذا مرفوع من الفعل.

ومثال التقرير: قوله صلى الله عليه وسلّم للجارية: أين الله؟ قالت: في السماء. فأقرّها على ذلك، وهذا مرفوع من التقرير.

وهل ما فُعل في وقته، أو قيل في وقته، يكون مرفوعاً؟

نقول: إن علم به فهو مرفوع؛ لأنه يكون قد أقر ذلك، وإن لم يعلم به فليس بمرفوع؛ لأنه لم يُضف إليه، ولكنه حُجة على القول الصحيح، ووجه كونه حُجة إقرار الله إيَّاه.

والدليل على هذا: أن الصحابة - رضوان الله عليهم - احتجوا بإقرار الله لهم في بعض ما يفعلونه، ولم ينكر عليهم ذلك، كما قال جابر - رضي الله عنه -: «كنا نعزل والقرآن ينزل»، وكان القرآن ينزل في عهد النبي صلى الله عليه وسلّم وكأنهم يقولون: لو كان هذا الفعل حراماً، لنهى الله عنه في كتابه، أو أوحى إلى رسوله صلى الله عليه وسلّم بذلك، لأن الله لا يقرّ الحرام.

والدليل على ذلك قوله تعالى: {يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلاَ يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لاَ يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطاً} [النساء: 108]. فهؤلاء الذين بيَّتوا ما لا يرضاه الله تعالى، من القول، قد استخفوا عن أعين الناس، ولم يعلم بهم الناس، ولكن لما كان فعلهم غير مرضي عند الله تعالى أنكر الله عليهم ذلك.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير