وفي الاصطلاح عرفه الناظم بأنه: ما سقط منه الصحابي.
وعرفه بعض العلماء بأنه: ما رفعه التابعي أو الصحابي الذي لم يسمع من النبي صلى الله عليه وسلّم وهذا التعريف أدق؛ لأن ظاهر كلام المؤلف أنه إذا ذكر الصحابي فليس بمرسل، ولو كان الصحابي لم يسمع من النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، كمحمد بن أبي بكر - رضي الله عنهما - الذي ولد في حجة الوداع وهذا ليس بجيد، فإن حديث الصحابي الذي لم يسمع من النبي صلى الله عليه وسلّم من قبيل المرسل عند المحققين.
والمرسل من أقسام الضعيف؛ لأن الواسطة بين النبي صلى الله عليه وسلّم وبين من رفعه مجهول إلا في المواضع التالية:
الأول: إذا علم الواسطة بين النبي صلى الله عليه وسلّم ومن رفعه، فيحكم بما تقتضيه حاله.
الثاني: إذا كان الرافع له صحابيًّا.
الثالث: إذا علم أن رافعه لا يرفعه إلا عن طريق صحابي.
الرابع: إذا تلقته الأمة بالقبول.
قال المؤلف رحمه الله:
. . . . . . . . . . . . . . . . . ** وقُلْ غَريبٌ ما رَوى راوٍ فَقَطْ
هذا هو القسم السابع عشر من أقسام الحديث المذكورة في هذا النظم وهوالغريب.
قوله: (وقُل غريبٌ ما روى راوٍ فقط) الغريب مشتق من الغربة، والغريب في البلد هو الذي ليس من أهلها.
والغريب في الحديث هو: ما رواه راوٍ واحد فقط، حتى ولو كان الصحابي، فهو غريب، مثل أن لا نجد راو من الصحابة إلا ابن عباس - رضي الله عنهما - فهو غريب، أو لم نجد راوياً من التابعين إلا قتادة فهو غريب.
والغرابة إما أن تكون في: أول السند.
أو في اثنائه.
أو في آخره.
يعني قد يكون الحديث غريباً في آخر السند لم يروه إلا تابعي واحد عن الصحابة، ثم يرويه عنه عدد كبير، فيكون هذا غريباً في آخر السند، وفيما بعده قد يصل إلى حد التواتر، فحديث «إنما الأعمال بالنيات. . .» من الغريب، لكنه غريب في طبقة الصحابة والتابعين، وأما بعد ذلك فقد انتشر انتشاراً عظيماً.
وقد يكون غريباً في أثنائه، رواه جماعة وانفرد به عنهم واحد، ثم رواه عن جماعة، وقد يكون غريباً في أوله انفرد به واحد عن جماعة.
والغريب قد يكون صحيحاً، وقد يكون ضعيفاً، لكن الغالب على الغرائب أنها تكون ضعيفة.
قال المؤلف رحمه الله:
وكُلُّ ما لْم يتصلْ بحال ** إسْنَادُهُ مُنْقَطِعُ الأوصَالِ
هذا هو القسم الثامن عشر من أقسام الحديث المذكورة في هذا النظم وهو المنقطع.
قوله (وكل ما).
أي كل حديث أو كل إسناد، لكن الظاهر أن مراده كل حديث بدليل قوله (لم يتصل إسناده) أي أن كل حديث لم يتصل إسناده بأي حال من الأحوال فإنه يسمى منقطعاً، وهذا بالمعنى العام، فإذا كان الحديث قد رواه خمسة، الأول، عن الثاني، عن الثالث، عن الرابع، عن الخامس.
ثم وجدناه مروياً عن الأول، عن الثالث، عن الرابع، عن الخامس فهو منقطع.
ولو وجدناه مروياً عن الثاني، عن الثالث، عن الرابع، عن الخامس فهو منقطع لأنه سقط أوله.
ولو رواه الأول، عن الثالث، عن الخامس فهو أيضاً منقطع.
ويقسم العلماء الانقطاع إلى أربعة أقسام:
أن يكون الانقطاع من أول السند.
أن يكون الانقطاع من آخر السند.
أن يكون الانقطاعُ من أثناء السند بواحد فقط.
أن يكون الانقطاعُ من أثناء السند بإثنين فأكثر على التوالي.
فأما القسم الأول وهو: إذا كان الانقطاع من أول السند فإنه يسمى معلقاً.
ووجه التسمية فيه: ظاهرة؛ لأنك إذا علقت شيئاً في السقف، وهو منقطع من أسفله فلن يصل إلى الأرض، فالمعلق ما حُذف منه أول إسناده.
وهل المعلق من قسم الصحيح أو هو من قسم الضعيف؟
نقول: هو من قسم الضعيف؛ لأن من شرط الصحيح، اتصال السند، لكن ما علقه البخاري جازماً به فهو صحيح عنده، وإن لم يكن على شرطه، وإنما قلنا صحيح عنده؛ لأنه يعلّقه مستدلاً به على الحكم، ولا يمكن أن يستدل على حُكم من أحكام الله تعالى، إلا بشيء صحيح عنده، لكنه ليس على شرطه، لأنه لو كان على شرطه، لساقه بسنده حتى يُعرف، مع أنه - رحمه الله تعالى - ربما يأتي به معلقاً في باب، ومتصلاً في باب آخر.
وأما القسم الثاني وهو: أن يكون الانقطاع من آخر السند فهذا هو المرسل.
¥