تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

بعد أن اتضح الفرق بين ابن الصلاح وبين الخطيب فيما يخص مسألة المزيد في متصل الأسانيد، وبعد أن تبين مغزى كلام ابن الصلاح حول ذلك فعلينا أن نتساءل حول حقيقة هذه المسألة: هل يقاس على ذلك المثال الذي ذكره ابن الصلاح كل ما يزاد في الإسناد، ويقال: إنه"المزيد في متصل السند"؟ ومتى يحكم عليه بأنه مزيد في السند؟ ومتى يحكم على السند الخالي من المزيد أنه منقطع؟ وما هو الضابط في ذلك؟ وهذه التساؤلات ضرورية وملحة لتجلية هذا النوع من جميع أبعاده.

وبإمعان النظر فيما شرحه ابن الصلاح علمنا أن أصل هذا النوع يرجع إلى نقطة اختلاف الرواة في الإسناد بالزيادة والنقص؛ يزيد البعض فيه راويا، ويسقطه الآخر، مما يشكل وحدة موضوعية مع مسألة تعارض الوقف والرفع وتعارض الوصل والإرسال. وبذلك يصبح "المزيد في متصل الإسناد" جزءا مهما من مسألة زيادة الثقة، وذلك طبعاً إذا كان الذي زاد في السند ثقة كما رأينا في المثال السابق.

ولذلك قال الحافظ ابن رجب الحنبلي: "وقد صنف في ذلك الحافظ أبو بكر الخطيب مصنفا حسنا سماه "تمييز المزيد في متصل الأسانيد" وقسمه قسمين: أحدهما ما حكم فيه بصحة ذكر الزيادة في الإسناد وتركها، والثاني ما حكم فيه برد الزيادة وعدم قبولها، ثم إن الخطيب تناقض فذكر في كتاب "الكفاية": للناس مذاهب في اختلاف الرواة في إرسال الحديث ووصله كلها لا تعرف عن أحد من متقدمي الحفاظ إنما هي مأخوذة من كتب المتكلمين، ثم إنه اختار أن الزيادة من الثقة تقبل مطلقا كما نصره المتكلمون وكثير من الفقهاء وهذا يخالف تصرفه في كتاب" تمييز المزيد"، وقد عاب تصرفه في كتاب "تمييز المزيد" بعض محدثي الفقهاء، وطمع فيه لموافقته لهم كتاب "الكفاية".

يمكن أن نلخص الأمر في هذا النوع بما يلي:

أ - أنه إذا تبين بالقرائن خطأ المزيد في السند، واتصال السند الآخر الخالي عن ذلك يقال: "مزيد في متصل الإسناد وفي عبارة أخرى: "مزيد في أصل السند المتصل". كما في المثال الذي أورده ابن الصلاح؛ فإن النقاد لم يحكموا على المزيد بأنه وهم وخطأ إلا على أساس القرائن المحيطة به، وهي واضحة بجلاء في قول أبي حاتم، حين قال: "وهِمَ ابن المبارك في زيادته" أبا إدريس لأن بسر بن عبدالله روى عن واثلة ولقيه، ولا أعلم أبا إدريس روى عن واثلة شيئا، وأهل الشام أضبط لحديثهم من الغرباء"، وجاء في موضع آخر من كتابه العلل:"وكثيراً ما يحدث بسر عن أبي إدريس، فغلط ابن المبارك، وظن أن هذا مما روى عن أبي إدريس عن واثلة، وقد سمع هذا بسر من واثلة نفسه" يعني بذلك سلوك الجادة. وبذلك يندرج هذا المزيد تحت المعلول عموما أو الشاذ أو المنكر أو المدرج خصوصاً.

ب - وإذا تبين بالقرائن أن اسم الراوي مقحم في السند، وذكره فيه خطأ، وأن السند الآخر الذي خلا من ذكره منقطع، صح أن يقال: مزيد في أصل السند المنقطع، لكونه مدرجاً فيه ومقحماً، كما في حديث المكي بن إبراهيم عن ابن جريح عن نافع عن إبراهيم بن عبدالله بن معبد أن ابن عباس حدثه عن ميمونة في فضل المسجد النبوي وقد صرح أئمة النقد مثل البخاري والدارقطني بأن ذكر ابن عباس فيه وهم، والصواب: "ما رواه عبدالرزاق وغيره من الثقات عن ابن جريح عن نافع عن إبراهيم بن عبدالله بن معبد عن ميمونة" وكذا رواه الليث بن سعد عن نافع بإسقاط "ابن عباس" راويا عن ميمونة ولذلك يظل الإسناد منقطعاً، حيث إن إبراهيم لم يسمع من ميمونة حسب قول ابن حبان.

جـ- وأما إذا دلت القرائن على أن الراوي حدث مرتين مرة بذكر الواسطة وأخرى بدونها يعني عاليا ونازلاً فيقال: مزيد في متصل الإسناد، يعني أن وجود الواسطة في السند لا يدل على انقطاع السند الآخر الذي خلا من الواسطة، بل كلاهما متصل.

ومثاله: حديث بسرة في الوضوء من مس الفرج؛ فقد رواه يحيى بن سعيد القطان وعلى ابن المبارك عن هشام بن عروة عن أبيه عن بسرة. ورواه سفيان بن عيينة وجماعة عن هشام بن عروة عن أبيه عن مروان بن الحكم عن بسرة.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير