تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وكذلك رواه جماعة عن الزهري عن عروة، ورواه مالك عن عبدالله بن أبي بكر أنه سمع عروة يقول دخلت على مروان بن الحكم فذكرنا ما يكون منه الوضوء، فقال مروان: مِن مَسِّ الذكر الوضوءُ، فقال عروة: ما علمت ذلك، فقال مروان: أخبرتني بسرة بنت صفوان أنها سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: إذا مس أحدكم ذكره فليتوضأ.

هذا وقد رواه شعيب بن إسحاق وعنبسة بن عبد الواحد وحميد بن الأسود وغيرهم عن هشام بن عروة عن أبيه عن مروان عن بسرة بالقصة، بزيادة في آخر الحديث: "قال عروة: ثم لقيت بسرة، فسألتها عن هذا الحديث، فحدثتني به عن النبي (صلى الله عليه وسلم) ".

قال ابن حبان: "وأما خبر بسرة الذي ذكرناه فإن عروة بن الزبير سمعه من مروان بن الحكم عن بسرة، فلم يقنعهم ذلك، حتى بعث مروان شرطياً له إلى بسرة فسألها، ثم أتاهم فأخبرهم بمثل ما قالت بسرة فسمعه عروة ثانياً عن الشرطي عن بسرة، ثم لم يقنعه ذلك حتى ذهب إلى بسرة فسمع منها. فأخبر عن عروة عن بسرة متصل ليس بمنقطع ... ".

وقال ابن خزيمة: "وبقول الشافعي أقول؛ لأن عروة قد سمع خبر بسرة منها، لا كما توهم بعض علمائنا أن الخبر واه لطعنه في مروان".

د- وأما في حالة وجود القرائن التي تدل على ثبوت المزيد في السند، وأن الإسناد بدون ذكره يكون منقطعاً فلا يقال: مزيد في متصل الإسناد. كما في حديث سعيد بن عامر عن جويرية بنت أسماء عن نافع عن ابن عمر عن عمر (رضي الله عنه) حديث "وافقت ربي في ثلاث"، وقد رواه محمد بن عمر المقدمي عن سعيد بن عامر عن جويرية عن رجل عن نافع. ولعل من القرائن الدالة على ثبوت المزيد بين جويرية ونافع أن جويرية مكثر عن نافع جداً، فلو كان هذا الحديث عنده عنه لما رواه عن رجل مبهم عنه.

قال الحافظ العلائي -وهو يشرح هذه القرينة-:"وحاصل الأمر أن الراوي متى قال: "عن فلان" ثم أدخل بينه وبينه في ذلك الخبر واسطة، فالظاهر أنه لو كان عنده عن الأعلى لم يدخل الواسطة؛ إذ لا فائدة في ذلك، وتكون الرواية الأولى مرسلة إذا لم يعرف الراوي بالتدليس وإلا فمدلسة، وحكم المدلس حكم المرسل كما تقدم، وخصوصاً إذا كان الراوي مكثراً عن الشيخ الذي روى عنه بالواسطة، كهشام بن عروة عن أبيه، ومجاهد عن ابن عباس، وغير ذلك مما تقدم من الأمثلة فلو أن هذا الحديث عنده عنه لكان يساير ما روى عنه، فلما رواه بواسطة بينه وبين شيخه المكثر عنه عُلم أن هذا الحديث لم يسمعه منه، ولا سيما إذا كان ذلك الواسطة رجلا مبهما أو متكلما فيه".

هـ- إذا وجد القرائن الدالة على صواب المزيد أو خطئه فهذا يكون قسماً آخر من المزيد، وينطبق عليه ما ذكره الإمام ابن الصلاح من مراعاة ظواهر السند، ومع ذلك لا يصفو المقام من كدر الإشكال الذي أشار إليه الإمام ابن الصلاح في نوع المرسل الخفي بقوله هذا: "وهذا وما سبق في النوع الذي قبله -يعني الإرسال الخفي والمزيد في متصل الإسناد- يتعرض لأن يعترض بكل واحد منهما على الآخر".

يعني ابن الصلاح: أنه يمكن الاحتجاج بوجود الواسطة في السند على وجود الانقطاع في السند المقابل الذي يخلو عنها، كما يمكن الاستدلال بالعكس أيضا. أي إن إسقاط الواسطة من السند دليل على اتصال السند من غير ذكرها وأن وجودها في السند الآخر خطأ ووهم وزيادة. وهذا طبعا إذا اعتمدنا في هذه المسائل على ظاهر الإسناد. وأما إن كانت القرائن هي المعول عليها في كل ما يتصل بتلك المسائل فلا نرى وجها لما ذكره ابن الصلاح.

هذا وقد لخص الحافظ العلائي أطراف هذا النوع على شكل يقارب ما ذكرناه آنفا، وهذا نصه: "وحاصل الأمر أن ذلك على أقسام: أحدها ما يترجح فيه الحكم بكونه مزيدا فيه وإن الحديث متصل بدون ذلك الزائد. وثانيها ما ترجح فيه الحكم عليه بالإرسال إذا روى بدون الراوي المزيد. وثالثها ما يظهر فيه كونه بالوجهين أي أنه سمعه من شيخه الأدنى وشيخ شيخه أيضا وكيف ما رواه كان متصلا. ورابعها ما يتوقف فيه لكونه محتملا لكل واحد من الأمرين".

فهذه هي أطراف مسألة المزيد في أصل الإسناد، وبذلك يكون هذا النوع من مسائل زيادة الثقة، وبالتالي لا يكون هذا المزيد مقبولاً أو مردوداً، ولا ينبغي استخدام مصطلح "المزيد في متصل الإسناد" في ذلك إلا بالقرائن الدالة على ذلك.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير