سمعت أبا إسحاق محمد بن يحيى سمعت محمد بن المسيب يقول: كنت أمشي بمصر وفي كمي مائة جزء وفي كل جزء ألف حديث. وقال: كتب في عصرنا جماعة بلغ المسند المصنف على تراجم الرجال لكل واحد منهم ألف جزء، منهم أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن حمزة الأصفهاني وأبو علي الحسين بن محمد بن أحمد الماسرجسي.
(القسم الثاني من الصحيح)
الحديث الصحيح بنقل العدل عن العدل رواه الثقات الحافظون إلى الصحابي وليس لهذا الصحابي إلا راو واحد.
ومثله حديث عروة بن مضرس الطائي أنه قال: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بالمزدلفة فقلت: يارسول الله أتيتك من جبلي طي أتعبت نفسي وأكللت مطيتي ووالله ما تركت من حبل إلا وقد وقفت عليه فهل لي من حج فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم من صلى معنا هذه الصلاة، وقد أتى عرفة قبل ذلك بيوم أو ليلة فقد تم حجه وقضى تفثه.
قال الحاكم: وهذا حديث من أصول الشريعة مقبول متداول بين الفقهاء للفريقين ورواته كلهم ثقات ولم يخرجه البخاري ولا مسلم في الصحيحين إذ ليس له رواة عن عروة بن مضرس غير الشعبي، وسوى هذا كثير في الصحابة كعمير بن قتادة الليثي ليس له راو غير ابنه عبيد، وأبو ليلى الأنصاري ليس له راو غير ابنه عبدالرحمن، وقيس بن أبي غرزة الغفاري على كثرة روايته عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس له راو غير أبي وائل شقيق بن سلمة وأبو وائل من أجلة التابعين بالكوفة أدرك عمر وعثمان وعليا فمن بعدهم من الصحابة رضي الله عنهم، وأسامة بن شريك وقطبة بن مالك على اشتهارهما في الصحابة ليس لهما راو غير زياد بن علاقة وهو من كبار التابعين، ومرداس بن مالك الأسلمي والمستورد بن شداد الفهري ودكين بن سعيد المزني كلهم من الصحابة وليس لهم راو غير قيس بن أبي حازم وهو من كبار التابعين أدرك أبا بكر وعمر وعثمان وعليا رضي الله عنهم وولد في زمن النبي صلى الله عليه وسلم.
والشواهد كما ذكرناه كثيرة ولم يخرج البخاري ومسلم هذا النوع من الحديث في الصحيح، والأحاديث متداولة بين الفريقين نحتج بها بهذه الأسانيد التي ذكرناها.
(والقسم الثالث من الصحيح)
أخبار جماعة من التابعين عن الصحابة والتابعون ثقات إلا أنه ليس لكل واحد منهم إلا الراوي الواحد مثل عتاب بن حنين وعبد الرحمن بن فروخ وعبد الرحمن بن سعاد ((وزياد بن الجرد))! وغيرهم ليس لهم راو غير عمرو بن دينار وهو إمام أهل مكة وكذلك الزهري تفرد بالرواية عن جماعة من التابعين منهم عمرو بن أبان بن عثمان ومحمد بن عروة بن الزبير وعقبة بن سويد الأنصاري وسنان بن أبي سنان الدؤلي وغيرهم.
وقد تفرد يحيى بن سعيد الأنصاري عن جماعة من التابعين بالرواية منهم يوسف بن مسعود الزرقي وعبد الله بن أنيس الأنصاري وعبد الرحمن بن مغيرة وليس في الصحيح من هذه الروايات شيء وكلها صحيحة بنقل العدل عن العدل متداولة بين الفريقين محتج بها.
(والقسم الرابع من الصحيح)
هذه الأحاديث الأفراد الغرائب التي يرويها الثقات العدول تفرد بها ثقة من الثقات وليس لها طرق مخرجة في الكتب مثل حديث العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا انتصف شعبان فلا تصوموا حتى يجيء رمضان)، وقد خرج مسلم أحاديث العلاء أكثرها في الصحيح وترك هذا وأشباهه مما تفرد به العلاء عن أبيه عن أبي هريرة، وكذلك حديث أيمن بن نابل المكي عن أبي الزبير عن جابر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول في التشهد (بسم الله وبالله)، وأيمن بن نابل ثقة مخرج حديثه في صحيح البخاري ولم يخرج هذا الحديث إذ ليس له متابع من أبي الزبير من وجه صحيح، وكذلك حديث أبي زكريا يحيى بن محمد بن قيس وهو ثقة مخرج حديثه في كتاب مسلم عن هشام عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (كلوا البلح بالتمر فإن الشيطان إذا رآه غضب وقال: عاش ابن آدم حتى أكل الخلق بالجديد) وسوى هذا القسم كثيرة كلها صحيحة الاسناد غير مخرجة في الكتابين نستدل بالقليل الذي ذكرناه على الكثير الذي تركناه.
(والقسم الخامس من الصحيح)
¥