تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

رابعاً: لو قصد الشارع التكاليف بالمشقة لما حصل الترخيص، فالرخص الشرعية أمر مقطوع به، ومعلوم من الدين بالضرورة، وهي لرفع الحرج والمشقة الواقعة على المكلفين، كرخص القصر، والفطر والجمع بين الصلاتين.

خامساً: ثبت في شريعتنا ما يمنع من التكلف والتنطع في دين الله، لقوله تعالى {وما أنا من المتكلفين} وقوله – صلى الله عليه وسلم -: " اكلفوا من الأعمال ما تطيقون فإن الله لا يملّ حتى تملوا " [11].

سادساً: نقل الإمام الشاطبي الإجماع على عدم وجود التكليف بالمشاق غير المعتادة في الشريعة [12].

سابعاً: لو قصدت المشقة في كل مرة وداوم عليها المكلف، لوجدت مشقة غير معتادة وحرج كبير، ممّا يفضي إلى ترك العبادة بالكلية والانقطاع عنها، وهذا النوع لم تأت به الشريعة الإسلامية، فشرع الله جل وعلا لنا الرفق والأخذ من الأعمال بما لا يحصِّل مللاً، ونبّه النبي – صلى الله عليه وسلم – على ذلك فقال: " القصد القصد تبلغوا " [13] لذلك نهى النبي – صلى الله عليه وسلم – عن التنطع وقال: " هلك المتنطعون "

أما استدلالهم بحديث: " بني سلمة دياركم تكتب آثاركم " فالجواب عليه من وجهين:

الوجه الأول: قال الإمام الشاطبي: " إن هذه أخبار آحاد في قضية واحدة لا ينتظم منها استقراء قطعي، والظنيات لا تعارض القطعيات، فإن ما نحن فيه من قبيل القطعيات " [14]

الوجه الثاني: الحديث لا دليل فيه على قصد نفس المشقة، فقد جاء في الحديث الذي أخرجه البخاري ما يفسره فإنه – صلى الله عليه وسلم –: " كره أن تُعرّى المدينة قِبَل ذلك، لئلا تخلو ناحيتهم من حراستها "

قلت: فلا حجة لمن تعلق ببعض النصوص واستدل بها على تقصد المشقة في العبادات، وخير الهدي هدي محمد – صلى الله عليه وسلم – فمن زاغ عن هذا المنهج يخشى عليه في دينه، قال الله تعالى {فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم}، والفتنة كما قال العلماء هي الشرك، نسأل الله أن يحيينا على سنة نبيه وأن يميتنا عليها إنه ولي ذلك والقادر عليه.

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين،،


[1] رواه الحاكم في المستدرك 1/ 472 وقال: " صحيح على شرطهما " وقال الألباني في صحيح الترغيب والترهيب 2/ 13:" صحيح "
[2] صحيح مسلم 665.
[3] صحيح مسلم 2670.
[4] صحيح البخاري 7241.
[5] البخاري 6704.
[6] مجموع الفتاوى 10/ 622 - 623.
[7] الموافقات 2/.222
[8] الموافقات 2/.229
[9] أخرجه أحمد 6/ 116 وسنده حسن.
[10] البخاري 3560
[11] صحيح الجامع 1228
[12] الموافقات 2/ 212
[13] البخاري في الصحيح 6463
[14] الموافقات 2/ 225

ـ[أبو مهند النجدي]ــــــــ[10 - 04 - 05, 11:43 م]ـ
للرفع

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير