تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

أنا أقول اليوم: لا فائدة مطلقاً من تكتيل المسلمين ومن تجميعهم، ثم تركهم في ضلالهم دون فهم هذه الكلمة الطيبة، وهذا لا يفيدهم في الدنيا قبل الآخرة! نحن نعلم قول النبي صلى الله عليه وسلم:" من مات وهو يشهد أن لا إله إلا الله مخلصاً من قلبه حرم الله بدنه على النار " وفي رواية أخري:" دخل الجنة " (2). فيمكن ضمان دخول الجنة لمن قالها مخلصاً حتى لو كان بعد لأي وعذاب يمس القائل، والمعتقد الاعتقاد الصحيح لهذه الكلمة، فإنه قد يعذب بناءً على ما ارتكب واجترح من المعاصي والآثام، ولكن سيكون مصيره في النهاية دخول الجنة، و على العكس من ذلك؛ من قال هذه الكلمة الطيبة بلسانه، ولما يدخل الإيمان إلى قلبه؛ فذلك لا يفيده شيئاً في الآخرة، قد يفيده في الدنيا النجاة من القتال ومن القتل إذا كان للمسلمين قوة وسلطان، وأما في الآخرة فلا يفيد شيئاً إلا إذا كان قائلاً لها وهو فاهم معناها أولاً، ومعتقداً لهذا المعنى ثانياً؛ لأن الفهم وحده لا يكفي إلا إذا اقترن مع الفهم الإيمان بهذا المفهوم، وهذه النقطة؛ أظن أن أكثر الناس عنها غافلون! وهي: لا يلزم من الفهم الإيمان بل لا بد أن يقترن كل من الأمرين مع الآخر حتى يكون مؤمناً، ذلك لأن كثيراً من أهل الكتاب من اليهود والنصارى كانوا يعرفون أن محمداً صلى الله عليه وسلم رسول صادق فيما يدعيه من الرسالة والنبوة، ولكن مع هذه المعرفة التي شهد لهم بها ربنا عز وجل حين قال: { ... يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ .... } (البقرة: من الآية146). ومع ذلك هذه المعرفة ما أغنت عنهم من الله شيئاً لماذا؟ لأنهم لم يصدقوه فيما يدعيه من النبوة والرسالة، ولذلك فإن الإيمان تسبقه المعرفة ولا تكفي وحدها، بل لا بد أن يقترن مع المعرفة الإيمان والإذعان، لأن المولى عز وجل يقول في محكم التنزيل: {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ ...... } (محمد: من الآية19).

وعلى هذا، فإذا قال المسلم: لا إله إلا الله بلسانه؛ فعليه أن يضم إلى ذلك معرفة هذه الكلمة بإيجاز ثم بالتفصيل، فإذا عرف وصدق وآمن؛ فهو الذي يصدق عليه تلك الأحاديث التي ذكرت بعضها آنفاً، ومنها قوله صلى الله عليه وسلم مشيراً إلى شيء من التفصيل الذي ذكرته آنفاً: " من قال: لا إله إلا الله، نفعته يوماً من دهره " (1).

أي كانت هذه الكلمة الطيبة بعد معرفة معناها منجية له من الخلود في النار – وهذا اكرره لكي يرسخ في الأذهان – وقد لا يكون قد قام بمقتضاها من كمال العمل الصالح والانتهاء عن المعاصي ولكنه سلم من الشرك الأكبر وقام بما يقتضيه ويستلزمه شروط الإيمان من الأعمال القلبية – والظاهرية حسب اجتهاد بعض أهل العلم وفيه تفصيل ليس هذا محل بسطه - (2)؛ وهو تحت المشيئة، وقد يدخل النار جزاء ما ارتكب أو فعل من المعاصي أو أخل ببعض الواجبات، ثم تنجيه هذه الكلمة الطيبة أو يعف الله عنه بفضل منه وكرمه، وهذا معنى قوله صلى الله عليه وسلم المتقدم ذكره: " من قال: لا إله إلا الله، نفعته يوماً من دهره " (1)، أما من قالها بلسانه ولم يفقه معناها، أو فقه معناها ولكنه لم يؤمن بهذا المعنى؛ فهذا لا ينفعه قوله: لا إله إلا الله، إلا في العاجلة إذا كان يعيش في ظل الحكم الإسلامي وليس في الآجلة.

لذلك لا بد من التركيز على الدعوة إلى التوحيد في كل مجتمع أو تكتل إسلامي يسعى- حقيقة وحثيثاً – إلى ما تدندن به كل الجماعات الإسلامية أو جلها، وهو تحقيق المجتمع الإسلامي وإقامة الدولة المسلمة التي تحكم بما أنزل الله على أي أرض لا تحكم بما أنزل الله، هذه الجماعات أو هذه الطوائف لا يمكنها أن تحقق هذه الغاية – التي أجمعوا على تحقيقها وعلى السعي- حثيثاً إلى جعلها حقيقة واقعية – إلا بالبدء بما بدأ به الرسول صلى الله عليه وسلم.

وجوب الاهتمام بالعقيدة لا يعنى إهمال باقي الشرع من عبادات وسلوك ومعاملات وأخلاق:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير