أخبرني أحمد بن حاتم الكشاني ببخارى حدثنا عمر بن محمد البحتري حدثنا عمرو بن علي سمعت يحيى بن سعيد يقول: كنا عند شيخ من أهل مكة أنا وحفص بن غياث وإذا أبو شيخ جارية بن هرم يكتب عنه فجعل حفص يضع له الحديث ويقول: حدثتك عائشة بنت طلحة عن عائشة أم المؤمنين بكذا فيقول حدثك سعيد بن جبير عن ابن عباس مثله فلما فرغ ضرب حفص بيده على ألواح جارية بن هرم فمحاها فقال جارية تحسدونني، فقال له حفص لا ولكن هذا يكذب فقلت ليحيى: من الرجل؟ فلم أسمعه، فقلت له يوما: يا أبا سعيد لعلي كتبته عن هذا الشيخ ولا أعرفه، قال هو موسى بن دينار.
حدثني أحمد بن الحسن الأصفهاني عن ابن أبي حاتم سمعت أبي يقول دخلت الكوفة فحضرني أصحاب الحديث وقد تعلقوا بوراق سفيان بن وكيع فقالوا أفسدت علينا شيخنا وابن شيخنا قال: فبعث إلى سفيان بتلك الأحاديث التي أدخلها عليه وراقه ليراجع فلم يرجع عنها فلم يرجع عنها فتركه.
حدثني محمد بن يعقوب الحافظ قال: سألت ابن نمير عن قيس بن الربيع فقال كان له ابن هو آفته نظر أصحاب الحديث في كتبه وظنوا أن ابنه قد غيَّرها.
سمعت أبا إسحاق إبراهيم بن محمد بن يحيى سمعت أبا العباس محمد بن إسحاق سمعت أبا يسار سمعت أحمد بن حنبل يقول عن غياث بن داود الأودي عن الشعري عن علي رضي الله عنه قال: لا يكون مهرا أقل من عشرة دراهم، فصار حديثا.
(الطبقة العاشرة من المجروحين)
قوم كتبوا الحديث ورحلوا فيه وعرفوا به فتلفت كتبهم بأنواع من التلف الحرق أو الهدم أو النهب أو الغرق أو السرقة وكلما سئلوا عن الحديث حدثوا بها من كتب غيرهم أو من حفظهم على التخمين فسقطوا بذلك منهم عبد الله بن لهيعة المصري على محله وعلو قدره.
سمعت أبا علي الحافظ سمعت أبا العباس الثقفي سمعت قتيبة بن سعيد يقول حضرت موت ابن لهيعة فسمعت ابن سعد يقول ما خلَّف بعده مثله.
حدثنا أبو جعفر محمد بن محمد بن عبد الله البغدادي بنيسابور حدثنا يحيى بن عثمان بن صالح حدثنا أبي حدثنا إبراهيم بن إسحاق القاضي بمصر قال: أنا حملت رسالة الليث بن سعد إلى مالك بن أنس فجعل مالك يسألني عن ابن لهيعة وأخبره بحاله فجعل يقول: وابن لهيعة ليس يذكر الحج فسبق إلى قلبي أنه يريد مشافهته والسماع منه.
قال الحاكم أبو عبد الله: وقد روى عن مالك عن ابن لهيعة حديث وهو على جلالته احترقت كتبه وذهب حديثه فحدث من حفظه وحدث بالمناكير فصار في حد من لا يحتج بحديثه.
وكان أحمد بن حنبل رحمه الله يقول سماع عبد الله بن المبارك وأقرانه الذين سمعوا من ابن لهيعة قبل وفاته بعشرين سنة صحيح.
حدثنا أحمد بن عبدوس الغنوي حدثنا عثمان بن سعيد الدارمي يقول: قلت ليحيى بن معين: كيف رواية ابن لهيعة عن ابي الزبير عن جابر فقال: ابن لهيعة ضعيف الحديث.
سمعت أبا زكريا يحيى بن محمد العنبري سمعت أبا عبد الله البوشنجي سمعت قتيبة بن سعيد يقول (لما) احترقت كتب ابن لهيعة بعث إليه الليث بن سعد كاغدا بألف دينار.
أخبرني أبو نصر محمد بن عمر حدثنا محمد بن المنذر الهروي سمعت أحمد بن واضح المصري يقول: كان محمد بن خلاد الاسكندراني رجلا ثقة ولم يكن فيه اختلاف حتى ذهبت كتبه فقدم علينا رجل يقال له أبو موسى في حياة ابن بكير فذهب إليه يعني محمد بن خلاد بنسخة ضمام بن إسماعيل ونسخة يعقوب بن عبد الرحمن فقال: أليس قد سمعت النسختين؟ قال: حدثني بها، قال: قد ذهبت كتبي ولا أحدث بها، فما زال به هذا الرجل حتى خدعه وقال له النسخة واحدة فحدث فكل من سمع منه قديما قبل ذهاب كتبه فحديثه صحيح ومن سمعه منه بعد ذلك فليس حديثه بذلك.
قال الحاكم:
فهذه أنواع المجروحين من المحدثين وما سوى ذلك فمما يوهم أنه جرح وليس بجرح وشرحها في هذا الموضع يطول
ولعل قائلا يقول إن الكلام في هؤلاء الراواة غيبة والغيبة محرمة في أخبار كثيرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقائل هذا يخوض فيما ليس في صناعته فقد أجمع المسلمون قاطبة بلا خلاف بينهم أنه لا يجوز الاحتجاج في أحكام الشريعة إلا بحديث الصدوق العاقل. ففي هذا الاجماع دليل على إباحة جرح من ليس صنعته.
¥