المثلُ الخامس: مصباح المعطل قد عَصَفَت عليه أهويةُ التعطيل فطَفِئَ وما أنار، ومصباح المشبه قد غرقت فتيلته في عَكَرِ التشبيه فلا تقتبس منه الأنوار. ومصباح الموحد {يُوقَدُ مِن شَجَرَةٍ مُّبَارَكَةٍ زَيْتُونِةٍ لاَّ شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ} [النور: 35].
المثلُ السادس: قلب المعطل متعلق بالعدم فهو أحقر الحقير، وقلب المشبه عَابد الصنم الذي قد نحت بالتصوير والتقدير. والموحد قلبه متعبد لمن {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ} [الشورى: 11].
المثلُ السابع: نقود المعطل كلها زُيوف فلا تروج علينا، وبضاعة المشبه كلها كَاسدة فلا تَنفق لدينا. وتجارة الموحد ينادى عليها يوم العرض على رؤوس الأشهاد {هَذِهِ بِضَاعَتُنَا رُدَّتْ إِلَيْنَا} [يوسف:65].
المثلُ الثامن: المعطل كنافخ الكير إما أن يحرق ثيابك وإما أن تجد من ريحاً خبيثة، والمشبه كبائع الخمر إما أن يسكرك وإما أن ينجسك. والموحد كبائع المسك إما أن يحذيك، وإما أن يَبيعك، وإما أن تجد منه رائحة طيبة.
المثلُ التاسع: المعطل قد تخلف عن سفينة النجاة ولم يركبها فأدركه الطوفان، والمشبه قد انكسرت به في اللجة فهو يشاهد الغرق بالعيان. والموحد قد ركب سفينة نوح وقد صاح به الربان: {ارْكَبُواْ فِيهَا بِسْمِ اللّهِ?????????? َ ومُرْسَاهَا إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ}.
المثلُ العاشر: مَنهل المعطل {كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاء حَتَّى إِذَا جَاءهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا} [النور: 39]. فرجع خاسئاً حسيراً، وَمشرب المشبه من ماء قد تغير طعمه ولونه وريحه بالنجاسة تغييراً. ومشرب الموحد {مِن كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُورًا، عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيرًا} [الإنسان:5 - 6].
وقد سميتها: بـ (الكافية الشافية في الانتصار للفرقة الناجية) وهذا حينُ الشروع في المحاكمة، والله المستعان، وعليه التكلان، ولا حول ولا قوة إلا بالله وهو حسبي وإياه أسأل إنه قريب مجيب.
1 حُكْمُ المَحَّبةِ ثَابتُ الأرْكَانِ
مَا للصُّدُودِ بفَسْخِ ذَاكَ يَدَانِ
2 أنَّى وَقَاضِي الحُسْنِ نفَّذَ حُكْمَها
فَلِذَا أَقَرَّ بِذَلِكَ الخَصْمانِ
3 وَأتَت شُهُودُ الوَصْلِ تَشْهَدُ أنه
حَقَّا جَرَى في مَجْلسِ الإِحسَانِ
4 فتأكَّدَ الحُكْمُ العزيزُ فَلَمْ يَجِدْ
فَسْخُ الوُشَاةِ إلَيهِ مِنْ سُلطَانِ
5 وَلأجْلِ ذَا: حُكْمُ الْعَذُولِ تَداعتْ الـ
أركَاَنُ مِنْهُ، فَخَرَّ لِلأَرْكَانِ
6 وأتَى الوُشَاةُ فَصَادَفُوا الحُكْمَ الذِي
حَكَمُوا به مُتَيَقَّنَ البُطْلانِ
7 ما صَادَفَ الحُكْمُ الَمحَلَّ وَلا هُوَ اسْـ
ــتَوْفَى الشُروطَ فَصَارَ ذا بُطْلاَنِ
8 فَلِذَاكَ قَاضِي الحُسْنِ أَثْبَتَ مَحْضَرَاً
بِفسَادِ حُكْمِ الهَجْرِ والسُّلوانِ
9 وَحكَى لَكَ الحُكْمَ المُحالَ وَنَقْضَهُ
فاسمعْ إذاً يا مَنْ لَهُ أُذُنَانِ
10 حُكْمُ الوُشَاةِ بِغَيرِ مَا بُرْهَانِ
إنَّ المحبَّةَ والصُدُودَ لِدَانِ
11 وَاللهِ ما هَذَا بِحُكْمٍ مُقْسِطٍ
أيْنَ (الغَرامُ) و (صَدُّ ذِي هِجرَان)؟!
12 شَّتان بين الحالتَيْنِ فَإِنْ تُرِدْ
جَمْعًا فما الضِّدَّانِ يَجْتَمعَانِ.
13 يَا وَالِهاً هَانَتْ عَلَيْهِ نَفْسُهُ
إذْ بَاعَهَا غَبْناً بِكُلِّ هَوَان
14 أتَبِيعُ (مَنْ تَهْواهُ نَفْسُك) طَائِعاً
بالصَّدِّ والتَّعْذيبِ والهِجْرَانِ؟
15 أَجَهلْتَ أوْصافَ المبِيْعِ وقَدْرَهُ
أمْ كُنْتَ ذا جَهْلٍ بِذِي الأثْمانِ؟
16 وَاهاً لِقَلْبٍ لا يُفَارِقُ طَيرُه الـ
أَغْصَانَ قَائِمةً عَلى الكُثْبَان
17 وَيَظَلُّ يَسْجَعُ فوقَهَا، وَلِغَيرِهِ
مِنْهَا الثِّمَارُ وكُلُّ قِطْفٍ دَانِي،
18 ويبيتُ يَبْكِي والمُواصِلُ ضَاحِكٌ
وَيَظَلُّ يشْكُو وهْو ذُو شُكْْرانِ
19 هَذا وَلَوْ أنَّ الجَمَالَ مُعلَّقٌ
بالنَّجمِ هَمَّ إليِهِ بالطَّيرانِ.
20 للهِ زاَئِرَةً بِلَيلٍ لَمْ تَخَفْ
عَسَسَ الأميرِ وَمَرْصَدَ السَّجَّانِ
21 قَطَعَتْ بِلادَ الشَّامِ ثُمَّ تَيمَّمَت
مِنْ أرْضِ طَيْبَةَ مَطْلِعَ الإِيمان،
22 وأتَتْ على وادي العَقيقِ فجاوزتْ
مِيقَاتَهُ حِلاًّ بلا نُكرانِ،
¥